أصبحنا والله يابن رسول الله لك وادّين محبّين. فقال : من أحبّنا لله تعالى أدخله الله ظلا ظليلا يوم لا ظلّ إلّا ظلّه ، ومن أحبّنا يريد مكافأتنا كافأه الله عنّا بالجنة ، ومن أحبّنا لغرض دنيا آتاه الله رزقه من حيث لا يحتسب (١).
وروى الخرّاز في «كفاية الأثر» : أنّه عليهالسلام في أيّام مرضه جمع أولاده محمّدا والحسن وعبد الله وزيدا والحسين ، وقال لأبي جعفر الباقر عليهالسلام : يا بني ، العقل رائد الروح ، والعلم رائد العقل ، والعقل ترجمان العلم. واعلم أنّ العلم أبقى ، واللسان أكثر هذرا ، وأنّ صلاح الدنيا بحذافيرها في كلمتين بهما إصلاح شأن المعايش : ملء مكيال : ثلثاه فطنة وثلثه تغافل ؛ لأنّ الإنسان لا يتغافل عن شيء قد عرفه ففطن له. واعلم أنّ الساعات تذهب عمرك ، وأنّك لا تنال نعمة إلّا بفراق اخرى. وإيّاك والأمل الطويل ، فكم من مؤمّل أملا لا يبلغه ، وجامع مال لا يأكله ، ومانع ما سوف يتركه ، ولعلّه من باطل جمعه ، ومن حقّ منعه ، أصابه حراما وورّثه واحتمل إصره وباء بوزره ، ذلك هو الخسران المبين. ثمّ أوصى بالإمامة إليه (٢).
وروى الكليني بسنده قال : التفت علي بن الحسين عليهالسلام وهو في الموت إلى ولده وهم مجتمعون عنده ، وكان قد أخرج قبل ذلك صندوقا عنده ، فالتفت إلى محمّد ابنه وقال له : يا محمد احمل هذا الصندوق واذهب به إلى بيتك. فحمل بين أربعة (٣).
__________________
(١) الفصول المهمّة : ٢١٨.
(٢) كفاية الأثر للخرّاز القمي : ٣١٩.
(٣) اصول الكافي ١ : ٣٠٥ ، الحديث ١ و ٢ ، الباب ٦٩ في النّص والإشارة على أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، وفي آخر الخبر : فلمّا توفّي جاء إخوة الباقر إليه وقالوا له : أعطنا نصيبنا ممّا في الصندوق! فقال : لو كان لكم فيه شيء ما دفعه إليّ. ثمّ قال الباقر عليهالسلام : وكان في الصندوق سلاح رسول الله وكتبه. وفي الخبر الثاني : أما إنّه لم يكن فيه دينار ولا درهم ، ولكن كان مملوءا علما.