وروى عنه عليهالسلام أيضا قال : إنّه كان يعول مئة بيت من فقراء المدينة. وكان يعجبه أن يحضر طعامه الأضرّاء والزمنى واليتامى والمساكين الذين لا حيلة لهم ، وكان يناولهم بيده ، ومن كان منهم له عيال حمّله إلى عياله من طعامه ، وقد قاسم الله ماله مرّتين (١).
وفي حمله الطعام إلى دور الأيتام نقل الصدوق بسنده عن سفيان بن عيينة عن الزهري أنّه رأى عليّ بن الحسين في ليلة باردة مطيرة وعلى ظهره دقيق وحطب! فسأله : يابن رسول الله ما هذا؟ قال : اريد سفرا اعدّ له زادا أحمله إلى موضع حريز! وكان مع الزهري غلامه فقال : هذا غلامي يحمله عنك. فأبى. فقال الزهري : فأنا أحمله عنك فإنّي أرفعك (اجلّك) عن حمله. فقال عليّ بن الحسين : لكنّي لا أرفع نفسي عمّا ينجّيني في سفري ويحسن ورودي على ما أرد عليه ، أسألك بحقّ الله لما مضيت لحاجتك وتركتني. فانصرف الزهري عنه ، وبعد أيّام سأله : يابن رسول الله لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثرا! قال : يا زهري ، ليس ما ظننته ، ولكنّه الموت وكنت أستعدّ له ، والاستعداد للموت تجنّب الحرام وبذل الخير والندى.
فلمّا مات ووضع على السرير ليغسل شوهد ظهره وعليه مثل ركب الإبل ممّا كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين (٢).
ونقله الحلبي وفصّله عن أبي نعيم عن عمرو بن ثابت قال : لمّا مات عليّ بن الحسين فغسّلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سواد في ظهره فسألوا : ما هذا؟ فقيل : إنّه كان يحمل أجربة الدقيق على ظهره ليلا ليعطيها فقراء المدينة.
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٤ : ١٦٦ ـ ١٦٧.
(٢) علل الشرائع ١ : ٢٧٠ ، الحديث ٥ و ٦ ، الباب ١٦٥.