علي عليهالسلام يجاهر ببغضه (١) فكان عليها حين هلاك معاوية واستيلاء يزيد وأقرّه حتى عزله بابن زياد.
فلمّا بلغ أهل الكوفة أنّ الحسين عليهالسلام قد امتنع عن البيعة ليزيد وعاذ بمكة (٢) اجتمعوا في دار سليمان بن صرد الخزاعي وخطبهم فقال لهم : إنّ معاوية قد هلك ، وإنّ حسينا عليهالسلام قد تقبّض عن القوم ببيعته ، وقد خرج إلى مكة ، وأنتم «شيعته وشيعة» أبيه ، فإن كنتم تعلمون أنّكم ناصروه ومجاهد وعدوّه فاكتبوا إليه. وإن خفتم الوهل (الفزع) والفشل فلا تغرّوا الرجل من نفسه!
فقالوا : لا ، بل نقاتل عدوّه ونقتل أنفسنا دونه! قال : فاكتبوا إليه ، فكتبوا إليه :
«بسم الله الرحمنِ الرحيم ، للحسين بن علي ، من سليمان بن صرد ، ورفاعة بن شدّاد ، وحبيب بن مظاهر ، «وشيعته» من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة. سلام عليك ، فإنّا نحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو. أمّا بعد ؛ فالحمد لله الذي قصم عدوّك الجبّار العنيد (معاوية) الذي انتزى على هذه الأمّة فابتزّها وغصبها فيئها وتأمّر عليها بغير رضى منها ، ثمّ قتل خيارها واستبقى شرارها ، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها ، فبعدا له كما بعدت ثمود.
إنّه ليس علينا إمام (لم نبايع) فأقبل لعلّ الله يجمعنا بك على الحقّ. والنعمان بن بشير في قصر الأمارة ، لسنا نجمّع معه في جمعة ولا نخرج معه إلى عيد (الفطر القادم) ولو قد بلغنا أنّك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتّى نلحقه بالشام إن شاء الله. والسلام عليك ورحمة الله».
__________________
(١) أنساب الأشراف ٣ : ١٦١ الحديث ١٦٩.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٣٥١ عن أبي مخنف.