الآية. أو عن الفساد والانحلال إلى الوقت المعلوم. أو البلى والانهدام على طول الدهر. أو عن تسمع الشياطين على سكّانه من الملائكة بالشهب الثواقب ، كما قال : (وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) (١).
(وَهُمْ عَنْ آياتِها) عمّا وضع الله عزوجل فيها من الأحوال العجيبة ، وعبرها الغريبة ، وسائر الحالات الحادثة فيها ، من الشمس والقمر وسائر النيّرات ، ومسايرها طلوعا وغروبا ، على النهج البديع ، والترتيب العجيب ، الدالّ على وجود صانعها القديم ، ووجوب وجوده ، وكمال علمه وقدرته ، وتناهي حكمته ، الّتي يحسّ ببعضها ، ويبحث عن بعضها في علم الهيئة.
(مُعْرِضُونَ) غير متفكّرين. وأيّ جهل أعظم من جهل من أعرض عنها ، ولم يذهب به وهمه إلى تدبّرها ، والاعتبار بها ، والاستدلال على عظمة شأن من أوجدها عن العدم ، ودبّرها ، ونصبها هذه النصبة ، وأودعها ما أودعها ممّا لا يعرف كنهه إلّا هو عزّت قدرته ، ولطف علمه ، وجلّت حكمته.
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) اللّتان هما بعض الآيات السّماويّة (كُلٌّ فِي فَلَكٍ) كلّ واحد منهما. والتنوين بدل من المضاف إليه. والمراد بالفلك الجنس ، كقولهم : كساهم الأمير حلّة وقلّدهم سيفا ، أي : كساهم وقلّدهم هذين الجنسين. (يَسْبَحُونَ) يسرعون على سطح الفلك إسراع السابع على سطح الماء.
وهو خبر «كلّ». والجملة حال من «الشمس والقمر». وجاز انفرادهما بها عن الليل والنهار ، لعدم الإلباس ، كما تقول : رأيت زيدا وهندا متبرّجة ، ونحو ذلك إذا جئت بصفة يختصّ بها بعض ما تعلّق به العامل ، ومنه قوله تعالى في هذه السورة : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) (٢). فضمير «يسبحون» لهما. والجمع باعتبار كثرة المطالع. وإنّما
__________________
(١) الحجر : ١٧.
(٢) الأنبياء : ٧٢.