(فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ) بالغرق في بحر قلزم.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) التوراة (لَعَلَّهُمْ) لعلّ بني إسرائيل (يَهْتَدُونَ) إلى المعارف الإلهيّة ، والأحكام الشرعيّة ، والمواعظ السنيّة ، والحكم الزاجرة. ولا يجوز عود الضمير إلى فرعون وقومه ، لأنّ التوراة نزلت بعد إغراقهم ، كما قال الله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى) (١).
(وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ (٥٠))
ولمّا كان موسى صاحب شريعة مستمرّة إلى زمن عيسى ، وشريعة عيسى ناسخة لشريعته ، قال بعد قصّة موسى : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) على كمال قدرتنا ، بولادتها إيّاه من غير مسيس. فالآية أمر واحد مضاف إليهما ، لأنّ عيسى خلق من غير ذكر ، ومريم من غير فحل. أو جعلنا ابن مريم آية ، بأن تكلّم في المهد ، وظهرت منه معجزات أخر ، وأمّه آية اخرى ، بأن ولدت من غير مسيس ، فحذفت الأولى لدلالة الثانية عليها.
(وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ) أرض مرتفعة. وعن كعب : أنّها أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا. وهي أرض بيت المقدس ، أو دمشق ، أو رملة فلسطين. وعن أبي هريرة : الزموا هذه الرملة رملة فلسطين ، فإنّها الربوة الّتي ذكرها الله عزوجل. وقيل : مصر ، فإنّ قراها على الربى. وقيل : حيرة الكوفة وسوادها. وقرأ ابن عامر وعاصم بفتح الراء. وهما لغتان.
(ذاتِ قَرارٍ) مستقرّ من الأرض ، منبسطة مستوية. وعن قتادة : ذات ثمار وزروع وماء. يعني : أنّه لأجل الثمار يستقرّ فيها ساكنوها. (وَمَعِينٍ) وماء ظاهر جار
__________________
(١) القصص : ٤٣.