(وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا) من نعمتنا النبوّة والأموال والأولاد ، وكلّ خير دينيّ ودنيويّ (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ) ثناء وحسنا في الناس (عَلِيًّا) مرتفعا سائرا بينهم ، بحيث يفتخرون بهم ويثنون عليهم استجابة لدعوته ، حيث قال : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (١). فكلّ أهل الأديان يتولّونه وذرّيّته ، ويدّعون أنّهم على دينهم.
وقيل : معناه : وأعلينا ذكرهم بأنّ محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمّته يذكرونهم بالجميل إلى يوم القيامة.
وقيل : هو ما يقال في التشهّد : كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم.
وعبّر باللسان عمّا يوجد به ، كما عبّر باليد عمّا يطلق بها ، وهي العطيّة. ولسان العرب لغتهم وكلامهم. وإضافته إلى الصدق ، وتوصيفه بالعلوّ ، للدلالة على أنّهم أحقّاء بما يثنون عليهم ، وأنّ محامدهم لا تخفى على تباعد الأعصار وتحوّل الدول وتبدّل الملل.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣))
ثمّ ذكر سبحانه حديث موسى عليهالسلام فقال : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ) في القرآن (مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً) موحّدا أخلص عبادته عن الشرك والرياء ، أو أسلم وجهه لله ، وأخلص نفسه عمّا سواه. وقرأ الكوفيّون بالفتح ، على أنّ الله أخلصه. (وَكانَ رَسُولاً
__________________
(١) الشعراء : ٨٤.