التقدير : ولكنك زنجىّ إلا أن يكون الاسم ضمير أمر أو شأن : فإنه لا يحسن حذفه إلا فى ضرورة ؛ بشرط ألا يؤدى حذفه إلى أن يلى إنّ وأخواتها فعل ؛ نحو قوله [من الخفيف] :
٥٣ ـ إنّ من يدخل الكنيسة يوما |
|
يلق فيها جآذرا وظباء (١) |
التقدير : إنه.
وكذلك ـ أيضا ـ يجوز حذف الخبر إذا كان عليه دليل ؛ ومن ذلك قوله :
__________________
(١) البيت للأخطل. والشاهد فيه قوله «إن من يدخل الكنيسة» حيث حذف اسم «إن» وهو ضمير الشأن ولا يجوز اعتبار «من» اسمها لأنها شرطية بدليل جزمها الفعلين والشرط له الصدر في جملته فلا يعمل فيه ما قبله. وضمير الشأن يحذف في الشعر كثيرا بخلاف اسم هذه الحروف فإنه وإن اختص حذفه بالشعر فإنما ورد بضعف وقوة.
عند ذكر جملة من الجمل الاسمية أو الفعلية فقد يقدمون قبلها ضميرا يكون كناية عن تلك الجملة وتكون الجملة خبرا عن ذلك الضمير وتفسيرا له ، ويوحدون الضمير لأنهم يريدون الأمر والحديث لأن كل جملة شأن وحديث. ولا يفعلون ذلك إلا في مواضع التفخيم والتعظيم وذلك قولك : هو زيد قائم فهو ضمير لم يتقدمه ظاهر وإنما هو ضمير الشأن والحديث وفسره ما بعده من الخبر ، وهو زيد قائم ، ولم تأت في هذه الجملة بعائد إلى المبتدأ لأنها هو في المعنى ، ولذلك كانت مفسرة له ويسميه الكوفيون الضمير المجهول لأنه لم يتقدمه ما يعود عليه ، ويجىء هذا الضمير مع العوامل الداخلة على المبتدأ والخبر نحو : إن وأخواتها ، ظننت وأخواتها ، وكان وأخواتها وتعمل فيه هذه العوامل كإن المكسورة المشددة وتكون حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر ، وقد تنصبهما في لغة ، وقد يرتفع بعدها المبتدأ فيكون اسمها ضمير شأن فإنه لا يحسن حذفه إلا في ضرورة كما قاله الأعلم في «شرح أبيات الجمل» وابن عصفور في كتاب «الضرائر» بشرط ألا يؤدي حذفه إلى أن يلى إن وأخواتها فعل كما في البيت الشاهد فتقديره : إنه من يدخل الكنيسة ، وإنما لم تجعل «من» اسمها لأنها شرطية بدليل جزمها الفعلين والشرط له الصدر فلا يعمل فيه ما قبله فوجب أن تكون «من» مبتدأ.
ينظر : خزانة الأدب ١ / ٤٥٧ ، الكافية ١ / ١٠٣ ، ابن يعيش ٣ / ١١٥ ، الهمع ١ / ١٣٦ ، ابن الشجري ١ / ٢٩٥ ، إيضاح شواهد الإيضاح ٢٢ ، الجمل للزجاجي ٢٢١ ، المغني ١ / ٣٧ ، ٥٨٩ ، ٤٥ ، ٣١٠ ، الدرر اللوامع ١ / ١١٥ ، شرح الجمل لابن عصفور ١ / ٤٤٢ ، شرح أبياته لابن سيده ١٣٤ ، الحلل ٢٨٧ الفصول والجمل ١٩٣ ، ضرائر الشعر ١٧٨ ، شرح شواهد المغني ١ / ١٢٢ ، ٢ / ٩١٨ ، شرح ابياته ١ / ١٨٥ ، إيضاح شواهد الإيضاح ٢٢ ، ما يجوز للشاعر في الضرورة ١٨١ البسيط في شرح جمل الزجاجي ١ / ٤٣٥ ، ٢ / ٩١٣ الأشباه والنظائر ٨ / ٤٦ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ١٥٨ ، رصف المباني ص ١١٩.