فما كان منها معدودا ، مختصّا كان أو غير مختص ـ فالعمل فى جميعه إلا أن تريد التكثير ؛ نحو قولك : سرت سنة ؛ فيكون العمل ـ إذ ذاك ـ فى بعضه ، وما كان منها مختصّا غير معدود ، فالعمل قد يقع فى جميعه وقد يقع فى بعضه.
وأمّا ظرف المكان : فينقسم ـ أيضا ـ ثلاثة أقسام :
مبهم ، وهو : ما ليس له نهاية معروفة ، ولا حدود مصوّرة ؛ نحو : خلفك.
ومختص ، وهو : عكسه ؛ نحو : الدّار ، والمسجد ، ولا يقتضى شىء من ذلك أن يكون العمل فى جميعه (١).
ومعدود ، وهو : ما يصح وقوعه في جواب «كم» ، والعمل فى جميعه (٢).
وأمّا الحال : فقسمان ، مؤكّدة ، ومبيّنة ؛ كما ذكرت.
ويصل الفعل إلى جميع ضروب الظروف ، والمصادر ، وضربى الحال بنفسه (٣) إلا
__________________
قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ...) [البقرة : ١٨٥] ؛ ألا ترى أن إنزال القرآن إنما كان فى بعضه ، وهو ليلة القدر ، قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) [الدخان : ٣] ، ثم قال بعد ذلك : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة : ١٨٥] والصيام لازم فى جميعه ، وكذلك رمضان ، بل لا يستعمل إلا والمراد استيعابه بالعمل ، قال ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه البخارى ٤ / ٧٨٤ ـ الفتح كتاب فضل ليلة القدر : باب فضل ليلة القدر ، رقم ٢٠١٤ ، ومسلم ٢ / ٨٠٨ : كتاب الصيام : باب فضل الصيام ، رقم ١٦٦ ـ ١١٥٢ ، وأبو داود ٢ / ٤٩ : كتاب الصلاة : باب فى قيام رمضان ، رقم ١٣٧٢ ، والنسائى ٤ / ١٥٦ ، وأحمد ٢ / ٢٤١ ، وابن خزيمة فى صحيحه رقم ١٨٩٤ ، من حديث أبى هريرة].
والصيام واقع فى جميعه ، فرمضان بمنزلة قولك : ثلاثة أيام ، وشبهها من المعدود فى أن العمل لا يكون إلا فى الجميع ، وقولك : شهر رمضان ، بمنزلة يوم الجمعة ، ويوم الخميس ، وشبههما من المختص فى أن العمل قد يكون فى بعضه ، وقد يكون فى جميعه. أه.
(١) م : وقولى : «وهو ما يصلح وقوعه جوابا لـ «أين» نحو : الدار ، والعمل قد يكون فى جميعه وقد يكون فى بعضه» أعنى : أنك إذا قلت : جلت فى الدار ، فالجولان قد يكون في جميعها ، وقد يكون في بعضها. أه.
(٢) م : وقولى : «ومعدود ، وهو ما يصح وقوعه جوابا لـ «كم» ، والعمل فى جميعه» مثال ذلك قولك : سرت ميلا ؛ ألا ترى أنه يصح أن يقع جوابا لمن قال : كم سرت؟ وأن السير لا يكون واقعا في جميع الميل. أه.
(٣) م : وقولى : «ويصل الفعل إلى جميع ضروب الظروف والمصادر وضربى الحال بنفسه»