لأنهما ماضيان في المعنى ؛ لأن «إذ» المضافة إليهما صيرتهما ماضيين ، فكأن المعنى إذا صعدتم ، وألويتم.
الثاني : أنه معطوف على «صرفكم».
قال الزمخشريّ (فَأَثابَكُمْ) عطف على صرفكم ، وفيه بعد ؛ لطول الفصل وفي فاعله قولان :
أحدهما : أنه الباري تعالى.
والثاني : أنه النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
قال الزّمخشريّ : ويجوز أن يكون الضمير في (فَأَثابَكُمْ) للرسول أي : فآساكم من الاغتمام ، وكما غمكم ما نزل به من كسر رباعيته غمه ما نزل بكم من فوت الغنيمة.
و «غما» مفعول ثان.
وقوله : (فَأَثابَكُمْ) هل هو حقيقة أو مجاز فقيل : مجاز كأنه جعل الغم قائما مقام الثواب الّذي كان يحصل لولا الفرار فهو كقوله : [الطويل]
١٦٦٥ ـ أخاف زيادا أن يكون عطاؤه |
|
أداهم سودا أو محدرجة سمرا (١) |
وقول الآخر :
١٦٦٦ ـ تحية بينهم ضرب وجيع (٢)
جعل القيود والسياط بمنزلة العطاء ، والضرب بمنزلة التحية.
وقال الفرّاء : «الإثابة ـ هاهنا ـ بمعنى المعاقبة» وهو يرجع إلى المجاز ؛ لأن الإثابة أصلها في الحسنات.
قوله : (بِغَمٍ) يجوز في الباء أوجه :
أحدها : أن تكون للسببية ، على معنى أن متعلّق الغمّ الأول الصحابة ، ومتعلق الغمّ الثاني قيل المشركين يوم بدر.
قال الحسن : يريد غم يوم أحد للمسلمين بغمّ يوم بدر للمشركين ، والمعنى : فأثابكم غما بالغم الذي أوقعه على أيديكم بالكفار يوم بدر.
وقيل متعلّق الغمّ الرسول ، والمعنى : أذاقكم الله غمّا بسبب الغمّ الذي أدخلتموه على الرسول والمؤمنين بفشلكم ومخالفتكم أمره ، أو فأثابكم الرسول غما بسبب غم اغتممتموه لأجله ، والمعنى أن الصحابة لما رأوا النبي صلىاللهعليهوسلم شجّ وجهه وكسرت رباعيته ، وقتل عمه ، اغتممتموه لأجله ، والنبي صلىاللهعليهوسلم لما رآهم قد عصوا ربّهم لأجل الغنيمة ـ ثم
__________________
(١) البيت للفرزدق ـ ينظر ديوانه ١ / ٧٧ ، والبحر ٣ / ٩٠ ، والدر المصون ٢ / ٢٣٥.
(٢) تقدم برقم ٧٢٠.