والمعجزات ، ما دل على براءتها (١) من كل عيب ، نحو قوله : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) [مريم : ٢٥] وكلام عيسى ـ [عليهالسلام](٢) ـ طفلا منفصلا عن أمه ، فإن كل ذلك دلائل قاطعة على براءة مريم ـ [عليهاالسلام](٣) ـ من كل ريبة ، فلا جرم وصف الله ـ [تعالى](٤) ـ [طعن](٥) اليهود فيها بأنه بهتان عظيم.
واعلم أنه لما وصف طعن اليهود في مريم بأنه بهتان عظيم ، وو صف طعن المنافقين في عائشة بأنه بهتان عظيم ، حيث قال : (سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ) [النور : ١٦] ؛ دل ذلك على أن الروافض الذين يطعنون في عائشة ، بمنزلة اليهود الذين يطعنون في مريم ـ عليهاالسلام ـ.
قوله : «وقولهم» عطف على «وكفرهم» ، وكسرت «إن» لأنها مبتدأ بعد القول وفتحها لغة.
و «عيسى» بدل من «المسيح» ، أو عطف بيان ، وكذلك «ابن مريم» ، ويجوز أن يكون صفة أيضا ، وأجاز أبو البقاء (٦) في (رَسُولَ اللهِ) هذه الأوجه الثلاثة ، إلا أن البدل بالمشتقات قليل ، وقد يقال : إن (رَسُولَ اللهِ) جرى مجرى الجوامد ، وأجاز فيه أن ينتصب بإضمار «أعني» ، ولا حاجة إليه. قوله «شبه لهم» : «شبه» مبني للمفعول ، وفيه وجهان :
أحدهما : أنه مسند للجار بعده ؛ كقولك : «خيل إليه ، ولبس عليه» [كأنه قيل : ولكن وقع لهم التشبيه].
والثاني : أنه مسند لضمير المقتول الذي دل عليه قولهم : «إنا قتلنا» أي : ولكن شبه لهم من قتلوه ، فإن قيل : لم لا يجوز أن يعود على المسيح؟ فالجواب : أن المسيح مشبه به [لا مشبه].
فصل
وهذا القول منهم يدل على كفر عظيم منهم ؛ لأن قولهم : فعلنا ذلك ، يدل على رغبتهم في قتله [بجد واجتهاد](٧) ، وهذا القدر كفر عظيم.
فإن قيل : اليهود كانوا كافرين بعيسى ـ عليهالسلام ـ أعداء له ، عامدين لقتله ، يسمونه الساحر ابن الساحرة ؛ والفاعل ابن الفاعلة ، فكيف قالوا : إنا قتلنا المسيح [عيسى](٨) ابن مريم رسول الله؟.
__________________
(١) في أ : برائها.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في أ.
(٦) ينظر : الإملا ١ / ٢٠١.
(٧) سقط في ب.
(٨) سقط في أ.