وقال مكي بن أبي طالب : هو في موضع نصب على الحال [من](١) المضمر في «محلّي» ، وهذا هو الصحيح.
و [أما](٢) ما ذكره الزّمخشريّ ، فلا يظهر فيه مجيء الحال من المضاف إليه في غير المواضع المستثناة (٣).
وقرأ يحيى بن وثّاب (٤) ، وإبراهيم والحسن «حرم» بسكون الراء.
وقال أبو الحسن البصريّ : هي لغة «تميم» ، يعني يسكّنون ضمة «فعل» جمعا ، نحو : «رسل». قد تقدم كلام المعربين في الآية الكريمة.
قال المفسرون : معنى الآية ، أحلّت لكم الأنعام كلّها ، إلا ما كان منها وحشيّا ؛ [فإنه صيد](٥) لا يحلّ لكم في حال الإحرام ، وقوله : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) استثناء مجمل ، واستثناء المجمل من الكلام المفصل يجعل ما بقي بعد الاستثناء مجملا ، إلّا أن المفسرين أجمعوا على أنّ المراد من هذا الاستثناء هو قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) ووجه هذا أن قوله (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) يقتضي إحلالها لهم على جميع الوجوه ، ثمّ بيّن أنّها إن كانت ميتة أو موقوذة أو متردّية أو نطيحة أو افترسها السبع أو ذبحت على غير اسم الله فهي محرمة.
وقوله : (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) معناه : أنه لما أحلّ بهيمة الأنعام ، ذكر الفرق بين صيدها وغيره ، فبيّن أنّ كلّ ما كان صيدا ، فإنّه حلال في الإحلال دون الإحرام ، وما لم يكن صيدا فإنّه حلال في الحالين جميعا.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في ب.
(٣) وحق صاحب الحال ألّا يكون مجرورا بالإضافة ، كما لا يكون صاحب الخبر ؛ لأن المضاف إليه مكمل للمضاف وواقع منه موقع التنوين ، فإن كان المضاف بمعنى الفعل حسن جعل المضاف إليه صاحب الحال ؛ لأنه في المعني فاعل أو مفعول نحو : إليه مرجعكم جميعا ، وعرفت قيام زيد مسرعا وجوز بعض البصريين وصاحب البسيط مجيء الحال من المضاف إليه مطلقا ، وخرجوا عليه : إن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ، وقوله : خلق الحديد مضاعفا يتلهب* وجوزه الأخفش ، وابن مالك إن كان المضاف جزء ما أضيف إليه أو مثل جزئه ، نحو : ما في صدورهم من غل إخوانا ، ملة إبراهيم حنيفا ، لأنه لو استغني به عن المضاف وقيل : ونزعنا ما فيهم إخوانا ، واتبع إبراهيم حنيفا لصحّ وردّه أبو حيان ، وقال : إن النصب في «إخوانا» على المدح ، و «حنيفا» حال من ملة بمعنى : دين ، أو من الضمير في اتبع قال وإنما لم يجز الحال من المضاف إليه لما تقرر من أن العامل في الحال هو العامل في صاحبها ، وعامل المضاف إليه اللام أو الإضافة ، وكلاهما لا يصلح أن يعمل في الحال ، وفي مجيء الحال من المنادى مذاهب.
ينظر : همع الهوامع ١ / ٢٤٠.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٤٥ ، والدر المصون ٢ / ٤٨٠.
(٥) سقط في ب.