والجمهور على نصب «غير» ، وقرأ ابن أبي عبلة (١) برفعه ، وفيه وجهان :
أظهرهما : أنّه نعت ل (بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) والموصوف ب «غير» لا يلزم فيه أن يكون مماثلا لما بعدها [في جنسه](٢) تقول : مررت برجل غير حمار ، هكذا قالوه ، وفيه نظر ، ولكن ظاهر هذه القراءة يدلّ لهم.
والثاني : أنّه نعت للضمير في «يتلى».
قال ابن عطيّة : لأنّ (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) في المعنى بمنزلة غير مستحلّ إذا كان صيدا ، وفيه تكلّف ، والصيد في الأصل مصدر : صاد يصيد ويصاد ، ويطلق على المصيد ، كدرهم ضرب الأمير.
وهو في الآية الكريمة يحتمل الأمرين أي من كونه باقيا على مصدريّته ، كأنّه قيل : أحلّ لكم بهيمة الأنعام ، غير محلّين الاصطياد وأنتم محرمون ، ومن كونه واقعا موقع المفعول أي : غير محلّين الشّيء [المصيد](٣) وأنتم محرمون.
وقوله : (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) مبتدأ وخبر في محلّ نصب على الحال ، وما هو صاحب هذه الحال؟
فقال الزّمخشريّ : هي حال عن (مُحِلِّي الصَّيْدِ) ، كأنه قيل : أحللنا لكم بعض الأنعام في حال امتناعكم من الصيد ، وأنتم محرمون ، لئلّا نتحرّج عليكم.
قال أبو حيّان : وقد بيّنا فساد هذا القول بأنّ الأنعام مباحة ، مطلقا لا بالتّقييد بهذا الحال.
قال شهاب الدين : وهذا الرّد ليس بشيء ؛ لأنّه [إذا](٤) أحلّ لهم بعض الأنعام في حال امتناعهم من الصيد ، فأن يحلّها لهم وهم غير محرمين بطريق الأولى و «حرم» جمع «حرام» بمعنى محرم.
قال : [الطويل]
١٩١٦ ـ فقلت لها : فيئي إليك فإنّني |
|
حرام وإنّي بعد ذاك لبيب (٥) |
أي : ملبّ (٦) ، وأحرم إذا (٧) دخل في الحرم ، أو في الإحرام.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٤٥ ، والبحر المحيط ٣ / ٤٣٣ ، والدر المصون ٢ / ٤٨٠.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) البيت للمخبل السعدي : ينظر : أمالي ابن الشجري ١ / ١٧٤ ، أمالي القالي ٢ / ١٧١ ، الخزانة ١ / ٢٧٠ ، اللسان (لبب) ، البحر ٣ / ٤٣٣ ، الدر المصون ١ / ٤٨٠.
(٦) في أ : ملت.
(٧) في أ : أي.