أبيح لك دخولها ، وحاصل الكلام أنّا إنّما عرفنا أنّ الأمر هنا لم يفد الوجوب بدليل منفصل ، وهذه الآية متعلّقة بقوله (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) يعني [إذا كان المانع من](١) حل الاصطياد هو الإحرام ، فإذا زال الإحرام وجب أن يزول المنع.
قوله سبحانه وتعالى : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) قرأ الجمهور : «يجرمنكم» بفتح الياء من «جرم» ثلاثيا ، ومعنى «جرم» عند الكسائيّ وثعلب «حمل» ، يقال : جرمه على كذا ، أي : حمله عليه.
قال الشاعر : [الكامل]
١٩١٨ ـ ولقد طعنت أبا عيينة (٢) طعنة |
|
[جرمت فزارة](٣) بعدها أن يغضبوا (٤) |
فعلى هذا التّفسير يتعدّى «جرم» (٥) لواحد ، وهو الكاف والميم ، ويكون قوله : «أن تعتدوا» على إسقاط حرف الخفض ، وهو «على» أي : ولا يحملنّكم بغضكم لقوم على اعتدائكم عليهم ، فيجيء في محلّ «أن» الخلاف المشهور ، وإلى هذا المعنى ذهب ابن عبّاس وقتادة.
ومعناه عند أبي عبيدة والفرّاء : كسب ، ومنه فلان جريمة أهله أي : كاسبهم.
وعن الكسائيّ ـ أيضا ـ أنّ جرم وأجرم بمعنى : كسب غيره فالجريمة والجارم (٦) بمعنى الكاسب ، وأجرم فلان أي : اكتسب الإثم ، ومنه قوله : [الوافر]
١٩١٩ ـ جريمة ناهض في رأس نيق(٧) |
|
ترى (٨) العظام ما جمعت صليبا (٩) |
أي : كاسب قوّة ، والصّليب الودك.
قال ابن فارس (١٠) : يقال جرم وأجرم ، ولا جرم بمنزلة قولك : لا بدّ ولا محالة [وأصله](١١) من جرم أي : كسب ، فعلى هذا يحتمل وجهين :
أحدهما : أنّه متعدّ لواحد.
__________________
(١) في أ : أن المانع من.
(٢) في ب : أبا عبيدة.
(٣) في ب : حرمت قرارة.
(٤) البيت لأبي أسماء بن الضريبة. ينظر : لسان العرب (جرم) ، خزانة الأدب ١٠ / ٢٨٣ ، ٢٨٦ ، ٢٨٨ ، شرح أبيات سيبويه ٢ / ١٣٦ ، الكتاب ٣ / ١٣٨ ، أدب الكاتب ص ٦٢ ، الاشتقاق ص ١٩٠ ، جمهرة اللغة ص ٤٦٥ ، جواهر الأدب ص ٣٥٥ ، الصاحبي في فقه اللغة ص ١٥٠ ، المقتضب ٢ / ٣٥٢.
والقرطبي ٦ / ٣١.
(٥) في أ : ويحرم.
(٦) في أ : الخادم.
(٧) في ب : تلق.
(٨) في ب : يرى.
(٩) ينظر : القرطبي ٦ / ٣٢.
(١٠) ينظر : القرطبي ٦ / ٣٢.
(١١) سقط في أ.