مَوْتِهِ) [النساء : ١٥٩] (وَيُدْعَوْنَ) : بمعنى : يعبدون ، نزلت في أهل مكّة ، أي : يعبدون ، كقوله [ـ تعالى ـ](١) : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي) [غافر : ٦٠] فإنّ من عبد شيئا ، فإنّه يدعوه عند احتياجه إليه ، وقوله : (مِنْ دُونِهِ) أي : من دون الله.
قوله : (إِلَّا إِناثاً) : في هذه اللّفظة تسع قراءات (٢) :
المشهورة : وهي جمع أنثى ، نحو : رباب جمع ربّى.
والثانية : وبها قرأ الحسن : «أنثى» بالإفراد ، والمراد به الجمع.
والثالثة : ـ وبها قرأ ابن عبّاس ، وأبو حيوة ، وعطاء ، والحسن أيضا ، ومعاذ القارىء ، وأبو العالية ، وأبو نهيك ـ : «إلا أنثا» كرسل ، وفيها ثلاثة أوجه :
أحدها : ـ [وبه] قال ابن جرير ـ أنه جمع «إناث» ؛ كثمار وثمر ، وإناث جمع أنثى ، فهو جمع الجمع ، وهو شاذّ عند النحويّين.
والثاني : أنه جمع «أنيث» كقليب وقلب ، وغدير وغدر ، والأنيث من الرّجال : المخنّث الضّعيف ، ومنه «سيف أنيث ، ومئناث ، ومئناثة» أي : غير قاطع قال صخر : [الوافر]
١٨٧٧ ـ فتخبره بأنّ العقل عندي |
|
جراز لا أفلّ ولا أنيث (٣) |
والثّالث : أنه مفرد أي : يكون من الصّفات التي جاءت على فعل ، نحو : امرأة حنث.
والرابعة : ـ وبها قرأ سعد بن أبي وقّاص ، وابن عمر ، وأبو الجوزاء ـ «وثنا» بفتح الواو والثّاء على أنّه مفرد يراد به الجمع.
والخامسة ـ وبها قرأ سعيد بن المسيب ، ومسلم بن جندب ، وابن عبّاس أيضا ـ «أثنا» بضم الهمزة والثاء ، وفيها وجهان :
أظهرهما : أنه جمع وثن ، نحو : «أسد وأسد» ثم قلب الواو همزة ؛ لضمّها ضمّا لازما ، والأصل : «وثن» ثم أثن.
والثاني : أن «وثنا» المفرد جمع على «وثان» نحو : جمل وجمال ، وجبل وجبال ، ثم جمع «وثان» على «وثن» نحو : حمار وحمر ، ثم قلبت الواو همزة لما تقدّم ؛ فهو جمع الجمع. وقد ردّ ابن عطيّة هذا الوجه بأنّ فعالا جمع كثرة ، وجموع الكثرة لا تجمع ثانيا ، إنما يجمع من الجموع ما كان من جموع القلّة. وفيه مناقشة من حيث إنّ الجمع لا
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ينظر في هذه القراءات : المحرر الوجيز ٢ / ١١٣ ، والبحر المحيط ٣ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨ ، والدر المصون ٢ / ٤٢٦ ـ ٤٢٧ ، وإتحاف ١ / ٥٢٠.
(٣) ينظر البيت في البحر المحيط ٣ / ٣٦٨ واللسان (أنث) والدر المصون ٢ / ٤٢٧.