النّدب ، ندب من قام إلى الصلاة أن يجدّد الطّهارة وإن كان على طهر لما روى عبد الله بن حنظلة بن عامر أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أمر بالوضوء عند كلّ صلاة طاهرا ، أو غير طاهر ، فلما شقّ ذلك عليه أمر بالسّواك عند كل صلاة ، وقال قوم (١) : هو إعلام من الله تعالى ورسوله أن لا وضوء عليه إلا إذا قام إلى الصّلاة دون غيرها من الأعمال ، فأذن له أن يفعل بعد الحدث ما بدا له من الأفعال غير الصلاة ، كما روى ابن عبّاس (٢) قال : كنا عند النبيّصلىاللهعليهوسلم فرجع من الغائط ، فأتي بطعام فقيل : «ألا تتوضأ ، فقال : لم أصلّ فأتوضّأ» (٣).
قوله سبحانه : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ).
وحدّ الوجه من [منابت الشّعر](٤) إلى منتهى الذقن طولا ، وما بين الأذنين عرضا يجب غسل جميعه في الوضوء ، ويجب إيصال الماء إلى ما تحت الحاجبين ، وأهداب العينين ، والشّارب ، والعذار ، والعنفقة وإن كان كثيفة.
وأما العارض واللّحية وإن كانت كثيفة لا ترى البشرة من تحتها لا يجب غسل باطنها في الوضوء ، بل يجب غسل ظاهرها ، وهل يجب إمرار الماء لما على ظاهر ما استرسل من اللحية عن الذّقن؟.
فقال أبو حنيفة (٥) : لا يجب ؛ لأنّ الشّعر النازل عن حدّ الرّأس لا يكون حكمه حكم الرأس في جواز المسح ؛ كذلك النازل عن حدّ الوجه لا يكون حكمه حكم الوجه في وجوب غسله ، وقال غيره : يجب إمرار الماء على ظاهره ؛ لأنّ الله تعالى أمر بغسل الوجه ، والوجه ما يقع به المواجهة ، قال ابن عباس (٦) : يجب غسل داخل العينين ؛ لأنّه من الوجه ، وقال غيره (٧) : لا يجب للحرج.
والمضمضة والاستنشاق يجبان في الوضوء.
والغسل عند أحمد وإسحاق وعند الشّافعيّ لا يجبان بناء على أنهما من الباطن ، ولو نبت للمرأة لحية؟ وجب إيصال الماء إلى جلدة الوجه ، وإن كانت كثيفة.
قوله [سبحانه](٨) : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ).
__________________
(١) ينظر : المصدر السابق.
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) أخرجه مسلم ١ / ٢٨٣ ، في الحيض : باب جواز أكل المحدث الطعام بلفظ : «لم؟ أأصلي فأتوضأ؟
(٣٧٤) ، وأحمد (٣ / ٢٨٥) ، والحميدي (١ / ٢٢٥) رقم (٤٧٨) والبغوي في «شرح السنة» (١ / ٣٥٩) والبيهقي (١ / ٤٢) من حديث ابن عباس.
(٤) في ب : منابت شعر الرأس.
(٥) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٥.
(٦) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٢٤.
(٧) ينظر : المصدر السابق.
(٨) سقط في ب.