المسموع فقط ، ويتأيّد ما ذكرناه أن الجرّ في الآية قد أجيز غيره وهو الرّفع والنّصب ، والرّفع والنّصب غير قاطعين ولا ظاهرين ، على أن حكم الرّجلين المسح ، فكذلك الجرّ يجب أن يكون كالنّصب والرفع في الحكم دون الإعراب. انتهى.
قال شهاب الدين : أمّا قوله : إنّ (وَحُورٌ عِينٌ) [الواقعة : ٢٢] من هذا الباب فليس بشيء ؛ لأنّه إمّا أن يقدّر عطفهما على ما [تقدّم بتأويل](١) ذكره الناس كما سيأتي ، أو بغير تأويل.
وإما ألّا يعطفهما ، [فإن عطفهما على ما تقدم ، وجب الجر ، وإن لم يعطفهما لم يجب الجر ، وأمّا جرهما على ما ذكره الناس فقيل : لعطفهما](٢) على المجرور بالياء قبلهما على تضمين الفعل المتقدم «يتلذّذون وينعمون بأكواب وكذا وكذا».
أو لا يضمّن الفعل شيئا ، ويكون لطواف الولدان بالحور العين على أهل الجنّة لذاذة لهم بذلك ، والجوار (٣) إنّما يكون حيث يستحقّ الاسم غير الجر ، فيجر لمجاورة ما قبله ، وهذا كما ترى قد صرّح هو أنّه معطوف على «بأكواب».
غاية (٤) ما في الباب أنّه جعله مختلف المعنى ، يعني أن عنده لا يجوز عطفهما على «بأكواب» إلا بمعنى آخر ، وهو تضمين الفعل ، وهذا لا يقدح في العطفية.
وأمّا البيت فجرّ «موثّق» ليس لجواره ل «منفلت» (٥) وإنّما هو مراعاة للمجرور ب «غير» ؛ لأنّهم نصوا على أنّك إذا جئت بعد «غير» ومخفوضها يتابع جاز أن يتبع لفظ «غير» ، وأن يتبع المضاف إليه ، وأنشدوا البيت ، ويروى : [البسيط]
١٩٤١ ـ لم يبق [فيها طريد] (٦) غير منفلت |
|
أو موثق في حبال القوم مجنوب (٧) |
وأما باقي الأمثلة التي أوردها فليست من المجاورة التي توثر في التغيير ، أي تغيير الإعراب ، وقد تقدّم أنّ النّحويين خصّصوا ذلك بالنّعت ، وأنّه قد جاء في التوكيد ضرورة.
والتّخريج الثاني : أنّه معطوف على «برءوسكم» لفظا ومعنى ، ثم نسخ ذلك بوجوب الغسل ، وهو حكم باق ، وبه قال جماعة ، أو يحمل مسح الأرجل على بعض الأحوال ، وهو لبس الخفّ ، ويعزى للشافعيّ.
التخريج الثالث : أنّها جرّت منبهة على عدم الإسراف باستعمال الماء ؛ لأنّها مظنّة لصبّ الماء [كثيرا](٨) ، فعطفت على الممسوح ، والمراد غسلها كما تقدّم.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) في ب : الحواب.
(٤) في أ : عليه.
(٥) في أ : منقلب.
(٦) في أ : لا أسير.
(٧) تقدم : ١٩٣٩.
(٨) سقط في أ.