وقال : من يمنعك مني يا محمد؟ قال : الله فتهدده أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فشام السيف ومضى ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقال مجاهد وعكرمة والكلبي وابن يسار عن رجاله : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم المنذر بن عمرو الساعدي وهو أحد النقباء ليلة العقبة في ثلاثين راكبا من المهاجرين والأنصار إلى بني عامر بن صعصعة فخرجوا فلقوا عامر بن الطفيل على بئر معونة وهي من مياه بني عامر واقتتلوا فقتل المنذر بن عمرو وأصحابه إلا ثلاثة نفر كانوا في طلب ضالة لهم أحدهم عمرو بن أمية الضمري فلم يرعهم إلا الطير يحوم في السماء يسقط من بين خراطيمها علق الدم فقال أحد النفر : قتل أصحابنا ثم تولى يشتد حتى لقي رجلا فاختلفا ضربتين فلما خالطته الضربة رفع رأسه إلى السماء وفتح عينيه وقال الله أكبر الجنة وربّ العالمين ، فرجع صاحباه فلقيا رجلين من بني سليم وكان بين النبي صلىاللهعليهوسلم وبين قومهما موادعة ، فانتسبا لهما إلى بني عامر فقتلاهما وقدما قومهما إلى النبي صلىاللهعليهوسلم يطلبون الدية فخرج ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم ، حتى دخلوا على كعب بن الأشرف وبني النضير يستعينهم في عقلهما ، وكانوا قد عاهدوا النبي صلىاللهعليهوسلم على ترك القتال وعلى أن يعينوه في الديات ، قالوا : نعم يا أبا القاسم قد آن لك أن تأتينا وتسألنا حاجة اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذي سألته ، فجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، فخلا بعضهم ببعض وقالوا : إنكم لن تجدوا محمدا أقرب منه الآن فمن يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه؟ فقال عمر بن جحاش : أنا ، فجاء إلى رحى عظيمة ليطرحها عليه فأمسك الله تعالى يده وجاء جبريل وأخبره ، فخرج النبي صلىاللهعليهوسلم راجعا إلى المدينة ثم دعا عليا فقال : لا تبرح مكانك فمن خرج عليك من أصحابي فسألك عني فقل : توجه إلى المدينة ، ففعل ذلك علي رضي الله عنه حتى تناهوا إليه ثم تبعوه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال : (فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [المائدة : ١١].
قوله تعالى : «عليكم» يجوز أن يتعلّق ب «نعمة» ، وأن يتعلّق بمحذوف على أنّه حال منها.
و «إذ [هم](١)» ظرف ناصبه «النّعمة» أيضا ، أي : اذكروا نعمته عليكم في وقت همّهم [عليكم](٢).
ويجوز أن يتعلّق هذا الظّرف بما يتعلّق به «عليكم» ، إذا جعلته حالا من «نعمة» ، ولا يجوز أن يكون منصوبا ب «اذكروا» لتّنافي زمنيهما ، فإن «إذ» للمضيّ ، و «اذكروا» مستقبل ، و «أن يبسطوا» على إسقاط الباء أي همّوا بأن يبسطوا ، ففي موضع «أن» الخلاف المشهور.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.