الرابع : أنّه مرفوع بالابتداء ، وخبره محذوف للدّلالة المتقدّمة ، ويكون قد عطف جملة غير مؤكّدة على جملة مؤكّدة [ب «إنّ»](١).
الخامس : أنّه مرفوع عطفا على الضّمير المستكنّ في «أملك» ، والتّقدير : ولا يملك أخي إلا نفسه ، [وجاز ذلك للفصل بقوله : (إِلَّا نَفْسِي)](٢) وقال بهذا الزّمخشريّ (٣) ، ومكّي (٤) ، وابن عطيّة (٥) ، وأبو البقاء (٦) وردّ أبو حيّان (٧) هذا الوجه ، بأنّه يلزم منه أنّ موسى وهارون لا يملكان إلّا نفس موسى فقط [وليس المعنى على ذلك](٨) ، وهذا الرّدّ ليس بشيء ؛ لأنّ القائل بهذا الوجه صرّح بتقدير المفعول بعد الفاعل المعطوف.
وأيضا اللّبس مأمون ، فإن كلّ أحد يتبادر إلى ذهنه أنّه يملك أمر نفسه.
السادس : أنّه مجرور عطفا على «الياء» في «نفسي» ، أي : إلّا نفسي ونفس أخي ، وهو ضعيف على قواعد البصريّين للعطف على الضّمير المجرور من غير إعادة الجارّ ، وقد تقدّم ما فيه.
والحسن البصريّ (٩) يقرأ بفتح [ياء](١٠) «نفسي» ، و «أخي».
وقرأ يوسف بن داود وعبيد بن عمير (١١) «فافرق» بكسر الرّاء ، وهي لغة : فرق يفرق ك «يضرب» قال الراجز : [الرجز]
١٩٤٩ ـ يا رب فافرق بينه وبيني(١٢) |
|
أشدّ ما فرّقت بين اثنين (١٣) |
وقرأ ابن السّميفع (١٤) «ففرّق» مضعّفا ، وهي مخالفة للرّسم ، و «بين» معمولة ل «افرق» ، وكان من حقّها ألا تكرّر في العطف ، تقول : المال بين زيد وعمرو ، وإنّما كرّرت للاحتياج إلى تكرر الجارّ في العطف على الضّمير المجرور ، وهو يؤيّد مذهب البصريّين.
فإن قيل : لم قال : «لا أملك إلّا نفسي وأخي» وكان معه الرّجلان المذكوران؟.
فالجواب : كأنّه لم يثق بهما كلّ الوثوق لما رأى [من](١٥) إطباق الأكثرين على
__________________
(١) في أ : بأل.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر : الكشاف ١ / ٦٢٢.
(٤) ينظر : المشكل ١ / ٢٢٥.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٧٦.
(٦) ينظر : الإملاء ١ / ٢١٣.
(٧) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٤٧١ ـ ٤٧٢.
(٨) في أ : دليل المعنى عليه على ذلك.
(٩) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٧٦ ، والبحر المحيط ٣ / ٤٧٢ ، والدر المصون ٢ / ٥٠٨.
(١٠) سقط في أ.
(١١) ينظر : تخريج القراءة السابقة.
(١٢) في أ : بيني وبينه.
(١٣) ينظر : مجاز القرآن ١ / ١٦٠ ، البحر المحيط ٣ / ٤٧٢ ، الطبري ٤ / ٥٢٢ ، الدر المصون ٢ / ٥٠٨.
(١٤) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٤٧٢ ، والدر المصون ٢ / ٥٠٨.
(١٥) سقط في أ.