لم يجز دخول الفاء في [الخبر ، وصلة «أل» لا تصلح لمباشرة أداة الشّرط فلذلك لا تدخل الفاء في](١) خبرها ، وأيضا ف «أل» (٢) وصلتها في حكم اسم واحد ، ولذلك تخطّاها الإعراب.
وأما قراءة عيسى بن عمر ، وإبراهيم : فالنّصب بفعل مضمر يفسّره العامل في سببيهما (٣) نحو : «زيدا فأكرم أخاه» ، والتقدير : «فعاقبوا السّارق والسّارقة» تقدّره فعلا من معناه ، نحو «زيدا ضربت غلامه» ، أي : «أهنت زيدا».
ويجوز أن يقدّر العامل موافقا لفظا ؛ لأنّه يساغ أن يقال : قطعت السّارق وهذه قراءة واضحة لمكان الأمر بعد الاسم المشتغل عنه.
قال الزّمخشريّ (٤) : وفضّلها سيبويه على قراءة العامّة ؛ لأجل الأمر ؛ لأن «زيدا فاضربه» أحسن من «زيد فاضربه».
وفي نقله تفضيل النّصب على قراءة العامّة نظر ، ويظهر ذلك بنصّ سيبويه.
قال سيبويه : الوجه في كلام العرب النّصب ، [كما تقول : «زيدا اضربه» ؛ ولكن أبت العامّة إلا الرّفع ، وليس في هذا ما يقتضي تفضيل النّصب بل معنى](٥) كلامه أن هذه الآية ليست من الاشتغال في شيء ؛ إذ لو كان من باب الاشتغال لكان الوجه النّصب ، ولكن لم يقرأها الجمهور إلا بالرّفع ، فدلّ على أنّ الآية محمولة على كلامين كما تقدّم ، لا على كلام واحد ، وهذا ظاهر.
وقد رد ابن الخطيب على سيبويه بخمسة أوجه ، وذلك أنه فهم كما فهم الزّمخشريّ من تفضيل النّصب ، فقال : الذي ذهب إليه سيبويه ليس بشيء ، ويدل على فساده وجوه :
الأول : أنه طعن في القراءة المتواترة المنقولة عن الرّسول وعن أعلام الأمّة ، وذلك باطل قطعا ، فإن قال سيبويه : لا أقول : إنّ القراءة بالرّفع غير جائزة ، ولكنّي أقول : قراءة النّصب أولى ، فنقول : رديء أيضا ؛ لأن ترجيح قراءة لم يقرأ بها (٦) إلّا عيسى بن عمر على قراءة الرّسول وجميع الأمّة في عهد الصّحابة والتّابعين أمر منكر ، وكلام مردود.
الثاني : لو كانت القراءة بالنّصب أولى ، لوجب أن يكون في القرّاء من يقرأ : واللذين (يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما) [النساء : ١٦] ، بالنّصب ، ولمّا (٧) لم يوجد في القرّاء من يقرأ كذلك ، علمنا سقوط هذا القول.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : قال.
(٣) في أ : سببها.
(٤) ينظر : الكشاف ١ / ٦٣١.
(٥) سقط في أ.
(٦) في ب : القراءة التي لم يقرأ بها.
(٧) في أ : والنصب وإذا.