وإعراب مفرداته تقدّم ، ورفعه على خبر ابتداء مضمر ، أي : هم سمّاعون.
وكذلك (أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) في «اللّام» الوجهان المذكوران في قوله : «للكذب».
و «السّحت» الحرام ، سمّي بذلك ؛ لأنّه يذهب البركة ويمحقها ، يقال : سحته الله ، وأسحته ، أي : أهلكه وأذهبه.
قال الزّجّاج : أصله من : سحتّه إذ استأصلته ، قال تعالى : (فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ) [طه: ٦٢] أي : يستأصلهم ، أو لأنّه مسحوت البركة.
قال الله تعالى : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا) [البقرة : ٢٧٦].
وقال اللّيث بن سعد : إنّه حرام يحصل منه العار.
وعن الفرّاء : «السّحت» : شدّة الجوع ، يقال : رجل مسحوت المعدة إذا كان أكولا ، لا يلفى إلّا جائعا أبدا وهو راجع إلى الهلكة.
وقد قرىء قوله تعالى : (فَيُسْحِتَكُمْ) بالوجهين : مهن سحتّه ، وأسحتّه.
وقال الفرزدق : [الطويل]
١٩٦٨ ـ وعضّ زمان يا بن مروان لم يدع |
|
من المال إلّا مسحتا أو مجلّف (١) |
وقرأ نافع وابن عامر ، وعاصم ، وحمزة (٢) : «السّحت» بضمّ السّين وسكون الحاء ، والباقون بضمهما ، وزيد بن علي ، وخارجة بن مصعب عن نافع بالفتح وسكون الحاء ، وعبيد بن عمير بالكسر والسكون وقرىء بفتحتين (٣) ، فالضمتان : اسم للشيء المسحوت ، والضمة والسكون تخفيف هذا الأصل ، والفتحتان والكسر والسّكون اسم له أيضا.
وأمّا المفتوح السين السّاكن الحاء ، فمصدر أريد به اسم المفعول ، كالصّيد بمعنى المصيد ، ويجوز أن يكون تخفيفا من المفتوح ، وهو ضعيف.
والمراد بالسّحت : الرّشوة في الحكم (٤) ، ومهر البغيّ (٥) ، وعسيب
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : السبعة ٢٤٣ ، والحجة ٣ / ٢٢١ ، وحجة القراءات ٢٢٥ ، وإعراب القراءات ١ / ١٤٥ ، والعنوان ٨٧ ، وشرح شعلة ٣٤٩ ، وإتحاف ١ / ٥٣٥ والشواذ ٣٩.
ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٩٣ ، والبحر المحيط ٣ / ٥٠١ ، والدر المصون ٢ / ٢٧.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٥٠١ ، والدر المصون ٢ / ٥٢٧.
(٤) أخرجه الطبري في تفسيره (٤ / ٥٧٩ ـ ٥٨٠) عن ابن مسعود ومجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٥٠٢) عن ابن مسعود وزاد نسبته لعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر وأبي الشيخ عن ابن مسعود.
وأخرجه الطبري (٤ / ٥٨١) وعبد بن حميد وابن مردويه كما في «الدر المنثور» (٢ / ٥٠٢) عن ابن عمر مرفوعا بلفظ وما السحت؟ قال : الرشوة في الحكم.
(٥) أخرجه الطبري (٤ / ٥٨١) عن ابن هريرة موقوفا وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٥٠٣) وزاد ـ