وأصحابه ـ لعنهم الله (١) ـ (يُسارِعُونَ فِيهِمْ) أي : في](٢) مودّة اليهود ونصارى نجران ؛ لأنّهم كانوا أهل ثروة ، وكانوا يعينونهم على مهمّاتهم ، ويقرضونهم.
ويقول المنافقون : إنّما نخالطهم لأنّا نخشى أن تصيبنا دائرة قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ والزّجّاج (٣) : أي : نخشى ألا يتمّ الأمر ـ لمحمّد ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، فيدور الأمر كما كان قبل ذلك. وقيل : نخشى أن يدور الدّهر علينا بمكروه من جدب أو قحط ، فلا يعطون الميرة والقرض.
قوله : (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) ، «أن يأتي» في محلّ نصب إمّا [على](٤) الخبر ل «عسى» ، وهو رأي الأخفش ، وإمّا على أنّه مفعول به ، وهو رأي سيبويه لئلّا يلزم الإخبار عن الجثّة بالحدث في قولك : «عسى زيد أن يقوم».
وأجاز أبو البقاء أن يكون «أن يأتي» في محلّ رفع على البدل من اسم «عسى» ، وفيه نظر.
فصل
قال المفسّرون (٥) ـ رحمهمالله ـ : عسى من الله واجب ؛ لأنّ الكريم إذا طمع في خير فعله ، وهو بمنزلة الوعد ؛ لتعلّق النّفس به ورجائها له ، قال قتادة ومقاتل (٦) : فعسى الله أن يأتي بالقضاء الفصل من نصر محمّد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ على من خالفه.
وقال الكلبي والسّدّيّ : فتح «مكّة» (٧) ، وقال الضّحّاك : فتح قرى اليهود مثل خيبر وفدك (٨).
«أو أمر من عنده».
قال السّدّي : هي الجزية (٩) ، وقال الحسن : إظهار أمر المنافقين والأحبار بأسمائهم والأمر بقتلهم (١٠) ، وقيل : الخصب والسّعة للمسلمين ، وقيل : إتمام أمر محمّد ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ ، وقيل : «هذا عذاب أليم».
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٦١٨) عن عطية وذكره السيوطي في «الدر» (٢ / ٥١٦) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ٢٤.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر : تفسير الرازي ١٢ / ١٦.
(٦) أخرجه الطبري (٢ / ٦٢٠) عن قتادة وذكره السيوطي في «الدر» (٢ / ٥١٧) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ عن قتادة.
(٧) أخرجه الطبري (٢ / ٦٢٠) عن السدي.
(٨) انظر تفسير الرازي (١٢ / ١٦).
(٩) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٦٢٠) وذكره السيوطي في «الدر» (٢ / ٥١٦) عن السدي وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ وينظر : تفسير القرطبي ٦ / ١٤١.
(١٠) ينظر : القرطبي ٦ / ١٤١.