المؤمنين ، فقيل له : إن ناسا يقولون : إنّها نزلت في عليّ ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : هو من المؤمنين (١).
قوله تعالى : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) فيه خمسة أوجه :
أحدها : أنّه مرفوع على الوصف ، لقوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا).
وصف المؤمنين بإقام الصلاة ، وإيتاء الزّكاة ، وذكر هاتين العبادتين دون سائر فروع الإيمان ؛ لأنّهما أفضلهما.
الثاني : أنّه مرفوع على البدل من (الَّذِينَ آمَنُوا).
الثالث : أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : هم الذين.
الرابع : أنه عطف بيان لما قبله ؛ فإنّ كل ما جاز أن يكون بدلا جاز أن يكون بيانا ، إلا فيما استثني كما تقدّم.
الخامس : أنه منصوب بإضمار فعل ، وهذا الوجه والّذي قبله من باب القطع عن التّبعيّة.
قال أبو حيّان (٢) ـ بعد أن نقل عن الزّمخشري وجهي البدل ، وإضمار المبتدأ فقط ـ : «ولا أدري ما الّذي منعه من الصّفة ، إذ هو المتبادر إلى الذّهن ، ولأنّ المبدل منه على نيّة الطّرح ؛ وهو لا يصحّ هنا ؛ لأنّه هو الوصف المترتّب عليه صحّة ما بعده من الأوصاف».
قال شهاب الدّين (٣) : لا نسلّم أنّ المتبادر إلى الذّهن الوصف ، بل البدل هو المتبادر ، وأيضا فإن الوصف بالموصول على خلاف الأصل ؛ لأنّه مؤوّل بالمشتقّ وليس بمشتقّ ، ولا نسلّم أن المبدل منه على نيّة الطّرح ، وهو المنقول عن سيبويه (٤).
قوله : (وَهُمْ راكِعُونَ) في هذه الجملة وجهان :
أظهرهما : أنّها معطوفة على ما قبلها من الجمل ، فتكون صلة للموصول ، وجاء بهذه الجملة اسميّة دون ما قبلها ، فلم يقل : «يركعون» اهتماما بهذا الوصف ، لأنّه أظهر أركان الصلاة.
والثاني : أنّها «واو» الحال ، وصاحبها هو واو «يؤتون».
والمراد بالرّكوع الخضوع أي : يؤتون الصّدقة ، وهم متواضعون للفقراء الّذين يتصدّقون عليهم.
ويجوز أن يراد به الرّكوع حقيقة ؛ كما تقدّم عن عليّ ـ رضي الله عنه ـ.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٦٢٨ ـ ٦٢٩) عن أبي جعفر.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٥٢٥.
(٣) ينظر : الدر المصون ٢ / ٥٥١.
(٤) ينظر : الكتاب ١ / ٣٧٢.