منتصب انتصاب مصدره على معنى : أيّ إجابة أجبتم] ، ولو أريد الجواب ، لقيل : بماذا أجبتم» ، أي : لو أريد الكلام المجاب ، لقيل : بماذا ، ومن مجيء «ماذا» كلّه مصدرا قوله : [البسيط]
٢٠٧٥ ـ ماذا يغير ابنتي ربع عويلهما |
|
لا ترقدان ولا بؤسى لمن رقدا (١) |
الثاني : أن «ما» استفهامية في محلّ رفع بالابتداء ، و «ذا» خبره ، وهي موصولة بمعنى «الّذي» ؛ لاستكمال الشرطين المذكورين ، و «أجبتم» صلتها ، والعائد محذوف ، أي : ما الّذي أجبتم به ، فحذف العائد ، قاله الحوفيّ ، وهذا لا يجوز ؛ لأنه لا يجوز حذف العائد المجرور ، إلا إذا جرّ الموصول بحرف مثل ذلك الحرف الجارّ للعائد ، وأن يتّحد متعلّقاهما ؛ نحو : «مررت بالّذي مررت» ، أي : به ، وهذا الموصول غير مجرور ، لو قلت : «رأيت الذي مررت» ، أي : مررت به ، لم يجز ، اللهم إلا أن يدّعى حذفه على التدريج بأن يحذف حرف الجرّ ، فيصل الفعل إلى الضمير ، فيحذف ؛ كقوله : (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا) [التوبة : ٦٩] ، أي : في أحد أوجهه ، وقوله : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) [الحجر : ٩٤] في أحد وجهيه ، وعلى الجملة فهو ضعيف.
الثالث : أنّ «ما» مجرورة بحرف جرّ مقدّر ، لمّا حذف بقيت في محلّ نصب ، ذكره أبو البقاء (٢) وضعّف الوجه الذي قبله ـ أي كون ذا موصولة ـ فإنه قال : «ماذا في موضع نصب ب «أجبتم» ، وحرف الجرّ محذوف ، و «ما» و «ذا» هنا بمنزلة اسم واحد ، ويضعف أن تجعل «ما» بمعنى «الّذي» ؛ لأنه لا عائد هنا ، وحذف العائد مع حرف الجرّ ضعيف». قال شهاب الدين (٣) أمّا جعله حذف العائد المجرور ضعيفا ، فصحيح تقدّم شرحه والتنبيه عليه ، وأمّا حذف حرف الجر وانتصاب مجروره ، فهو ضعيف أيضا ، لا يجوز إلّا في ضرورة ؛ كقوله : [الطويل]
٢٠٧٦ ـ فبتّ كأنّ العائدات فرشنني |
|
................. (٤) |
وقوله : [الطويل]
٢٠٧٧ ـ ................ |
|
وأخفي الّذي لو لا الأسى لقضاني (٥) |
__________________
(١) البيت لعبد مناف بن ربع.
ينظر : ديوان الهذليين ٢ / ٣٨ ، لسان العرب (عبد) ، شرح أشعار الهذليين ٢ / ٦٧١ ، البحر المحيط ٤ / ٥٢ ، التهذيب (غار) ٨ / ١٨٢ الدر المصون ٢ / ٦٤١.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢٣١.
(٣) ينظر : الدر المصون ٢ / ٦٤٢.
(٤) البيت للنابغة ، وهو في ديوانه ص (١٧) ، تهذيب اللغة ٦ / ١٢٤. (هرس) لسان العرب (هرس) ، الدر المصون ٢ / ٦٤٢.
(٥) عجز بيت لعروة بن حزام العذري وصدره :
تحن فتبدي ما بها من صبابة