وقوله : [الوافر]
٢٠٧٨ ـ تمرّون الدّيار ولم تعوجوا |
|
................. (١) |
وقد تقدّم تحقيق ذلك ، واستثناء المطّرد منه ، فقد فرّ من ضعيف ، ووقع في أضعف منه.
الرابع : قال ابن عطيّة (٢) ـ رحمهالله ـ : «معناه : ماذا أجابت به الأمم» ، فجعل «ماذا» كناية عن المجاب به ، لا المصدر ، وبعد ذلك ، فهذا الكلام منه محتمل أن يكون مثل ما تقدّم حكايته عن الحوفيّ في جعله «ما» مبتدأ استفهامية ، و «ذا» خبره ؛ على أنها موصولة ، وقد تقدّم التنبيه على ضعفه ، ويحتمل أن يكون «ماذا» كلّه بمنزلة اسم استفهام في محلّ رفع بالابتداء ، و «أجبتم» خبره ، والعائد محذوف ؛ كما قدّره هو ، وهو أيضا ضعيف ؛ لأنه لا يحذف عائد المبتدأ ، وهو مجرور إلا في مواضع ليس هذا منها ، لو قلت : «زيد مررت» لم يجز ، وإذا تبيّن ضعف هذه الأوجه ، رجّح الأول.
والجمهور على «أجبتم» مبنيّا للمفعول ، وفي حذف الفاعل هنا ما لا يبلغ كنهه من الفصاحة والبلاغة ؛ حيث اقتصر على خطاب رسله غير مذكور معهم غيرهم ؛ رفعا من شأنهم وتشريفا واختصاصا ، وقرأ ابن عبّاس وأبو حيوة (٣) «أجبتم» مبنيّا للفاعل ، والمفعول محذوف ، أي : ماذا أجبتم أممكم حين كذّبوكم وآذوكم ، وفيه توبيخ للأمم ، وليست في البلاغة كالأولى.
فإن قيل : أيّ فائدة في هذا السّؤال ، فالجواب : توبيخ قولهم كقوله : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [التكوير : ٨ ، ٩] ، المقصود منه توبيخ من فعل ذلك الفعل.
وقوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ، كقوله : (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) في البقرة [٣٢]. والجمهور على رفع «علّام الغيوب» ، وقرىء (٤) بنصبه ، وفيه أوجه ذكرها الزمخشريّ وهي : الاختصاص ، والنداء ، وصفة لاسم «إنّ» ؛ قال : «وقرىء بالنصب على أنّ الكلام قد تمّ عند قوله «إنّك أنت» ، أي : إنّك الموصوف بأوصافك المعروفة من العلم وغيره ، ثم انتصب (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) على الاختصاص ، أو على النداء ، أو هو صفة لاسم «إنّ» ، قال أبو حيان : «وهو على حذف الخبر لفهم المعنى ، فتمّ الكلام بالمقدّر في قوله (إِنَّكَ أَنْتَ) ، أي : إنّك الموصوف بأوصافك المعروفة من العلم وغيره» ، ثم قال : «قال الزمخشريّ : ثم انتصب ، فذكره إلى آخره» فزعم أنّ الزمخشريّ قدّر ل «إنّك» خبرا
__________________
ـ ينظر : شرح الحماسة ١ / ٣٤٤ ، المغني ١ / ١٤٢ ، شرح الكافية الشافية ٢ / ٦٣٥ ، الكامل ١ / ٣٢ ، العيني ٢ / ٥٥٢ ، اللسان (غرض) ، خزانة الأدب ٨ / ١٣٠ ، الدرر ٤ / ١٣٦ ، المقاصد النحوية ٢ / ٥٥٢ ، تخليص الشواهد (٥٠٤) ، شرح شواهد الايضاح ص (١٣٨) ، الدر المصون ٢ / ٦٤٢ ، والبحر المحيط ٢ / ٥٣.
(١) تقدم.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢٥٦.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢٥٧ ، والبحر المحيط ٤ / ٥٤ ، والدر المصون ٢ / ٦٤٢ ، ٦٤٣.
(٤) ينظر : الكشاف ١ / ٦٩٠ ، والبحر المحيط ٤ / ٥٤ ، والدر المصون ٢ / ٦٤٣.