محذوفا ، والزمخشريّ لا يريد ذلك ألبتة ولا يرتضيه ، وإنما يريد أنّ هذا الضمير بكونه لله تعالى هو الدالّ على تلك الصفات المذكورة ، لا انفكاك لها عنه ، وهذا المعنى هو الذي تقتضيه البلاغة ، والذي غاص [عليه] الزمخشريّ ـ رحمهالله ـ لا ما قدّره أبو حيان موهما أنه أتى به من عنده ، ويعني بالاختصاص النّصب على المدح ، لا الاختصاص الذي هو شبيه بالنداء ؛ فإنّ شرطه أن يكون حشوا ، ولكنّ أبا حيّان قد ردّ على أبي القاسم قوله «إنه يجوز أن يكون صفة لاسم إنّ» بأنّ اسمها هنا ضمير مخاطب ، والضمير لا يوصف مطلقا عند البصريّين ، ولا يوصف منه عند الكسائيّ إلا ضمير الغائب ؛ لإبهامه في قولهم «مررت به المسكين» ، مع إمكان تأويله بالبدل ، وهو ردّ واضح ، على أنه يمكن أن يقال : أراد بالصفة البدل ، وهي عبارة سيبويه ، [يطلق الصفة ويريد البدل (١) ، فله أسوة بإمامه ، واللازم مشترك ، فما كان جوابا عن سيبويه] ، كان جوابا له ، لكن يبقى فيه البدل بالمشتقّ ، وهو أسهل من الأول ، ولم أرهم خرّجوها على لغة من ينصب الجزأين ب «إنّ» وأخواتها ؛ كقوله في ذلك : [الرجز]
٢٠٧٩ ـ إنّ العجوز خبّة جروزا (٢)
وقوله : [الطويل]
٢٠٨٠ ـ ................ |
|
... إنّ حرّاسنا أسدا(٣) |
وقوله : [الكامل]
٢٠٨١ ـ ليت الشّباب هو الرّجيع على الفتى |
|
................. (٤) |
وقول الآخر : [الرجز]
٢٠٨٢ ـ كأنّ أذنيه إذا تشوّفا |
|
قادمة أو قلما محرّفا (٥) |
ولو قيل به لكان صوابا.
__________________
(١) ينظر : الكتاب ١ / ٣٩٥.
(٢) ينظر : الهمع ١ / ١٣٤ ، الدرر ١ / ١١٢ ، النوادر ١٧٢ ، الدر المصون ٢ / ٦٤٣.
(٣) جزء بيت وهو لعمر بن أبي ربيعة ينظر الجنى الداني ص (٣٩٤) ، الدرر ٢ / ١٦٧ ، شرح شواهد المغني ص (١٢٢) ، خزانة الأدب ٤ / ١٦٧ ، ١٠ / ٢٤٢ ، شرح الأشموني ١ / ١٣٥ ، مغني اللبيب ص (٣٧) ، الهمع ١ / ١٣٤ ، الدر المصون ٢ / ٦٤٣.
(٤) صدر بيت وعجزه :
والشيب كان هو البديء الأول
ينظر : الجنى الداني ص (٤٩٣) ، ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٣٥٢ ، الدر المصون ٢ / ٦٤٣.
(٥) البيت لمحمد بن ذؤيب.
ينظر : خزانة الأدب ١٠ / ٢٣٧ ، الدرر ٢ / ١٦٨ ، سمط اللآلي ص (٨٧٦) ، شرح شواهد المغني ص (٥١٥) ، تخليص الشواهد ص (١٧٣) ، الخصائص ٢ / ٤٣٠ ، ديوان المعاني ١ / ٣٦ ، شرح الأشموني ١ / ١٣٥ ، مغني اللبيب ١ / ١٩٣ ، همع الهوامع ١ / ١٣٤ ، الدر المصون ٢ / ٦٤٤.