وقال ابن مسعود : هي أنفس المؤمنين ، تسبق إلى الملائكة الذين يقبضونها ، وقد عاينت السرور شوقا إلى لقاء الله تعالى (١).
وقال قتادة والحسن ومعمر : هي النجوم تسبق بعضها (٢).
وقال عطاء : هي الخيل التي تسبق إلى الجهاد (٣).
وقيل : يحتمل أن تكون «السّابقات» ما تسبق من الأرواح قبل الأجساد إلى جنة ، أو نار ؛ حكاه الماورديّ.
قال الجرجانيّ : وذكر «فالسّابقات» بالفاء ؛ لأنها مشتقة من التي قبلها ، أي : واللاتي يسبحن فيسبقن ، تقول : قام فذهب ، فهذا يوجب أن يكون القيام سببا للذهاب.
قال الواحديّ : قول صاحب النّظم غير مطرد في قوله : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) ؛ لأنه يبعد أن يجعل السّبق سببا للتّدبير.
قال ابن الخطيب ويمكن الجواب عن اعتراض الواحديّ (٤) : بأنها لمّا أمرت سبحت ، فسبقت ، فدبّرت ما أمرت بتدبيره ، فتكون هذه أفعالا يتّصل بعضها ببعض ، كقولك : قام زيد ، فذهب ، فضرب عمرا ، أو لمّا سبقوا في الطّاعات يسارعون إليها ، ظهرت أمانتهم ، ففوّض إليهم التّدبير.
قوله : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً).
قيل : «أمرا» مفعول بالمدبّرات.
وقيل : حال ، تدبّره مأمورات ، وهو بعيد.
قال القشيريّ : أجمعوا على أن المراد : الملائكة.
وقال الماورديّ : فيه قولان :
أحدهما : الملائكة ، قاله الجمهور.
والقول الثاني : هي الكواكب السبع ، حكاه خالد بن معدان عن معاذ بن جبل.
وفي تدبيرها الأمور وجهان :
أحدهما : تدبير طلوعها وأفولها.
__________________
(١) ذكره البغوي (٤ / ٤٤٢) ، عن ابن مسعود وينظر المصدر السابق.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٢٤) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٠٩) ، وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٢٤) ، عن عطاء.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ٣١.