ومن (١) أنّ مقتضى قوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) (١) كون القريب أولى بقريبه من البعيد. فنفى (٢) ولاية البعيد ، وخرج منه (٣) الجدّ (٤) مع الأب ، وبقي الباقي (٥).
______________________________________________________
الجدّ ، باعتبار ولايته على الأب الذي هو ابنه بلا واسطة أو بوسائط» (٢).
(١) هذا دليل القول الثاني ، وهو : اختصاص الولاية بأبي الميت الذي هو الجدّ الأدنى للطفل ، ومحصل هذا الدليل : أنّ مقتضى قوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) أولوية القريب من البعيد ، والقريب هنا هو أبو الميت الذي هو الجدّ الأوّل للطفل ، فإنّه أقرب إلى الطفل من جدّ الميت الذي هو الجدّ الثاني للطفل.
فإن قلت : الآية الشريفة ـ بمقتضى كون الأولوية فيها تعيينية لا تفضيلية ـ تنفي ولاية البعيد مع وجود القريب ، ولازمه عدم مشاركة الجدّ أصلا للأب ، لظهور الآية في اختصاص القريب بالولاية ، ومن المعلوم أنّ القريب إلى الطفل هو الأب ، ومعه لا وجه لولاية الجدّ أصلا ، سواء أكان هو الأدنى أم الأعلى.
قلت : نعم ، الأولوية التعيينية تنفي ولاية ما عدا الأب ، حتى الجدّ القريب ، لكن النصوص أخرجت هذا الجدّ من العموم ، وحكمت بولايته على الحفيد ، وأمّا سائر الجدود فلا ولاية لهم بمقتضى الآية.
(٢) يعني : فنفى قوله تعالى ولاية البعيد ، أي : الجدّ العالي ، وهو جدّ الأب المتوفّى.
(٣) أي : خرج من عموم قوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) وقد عرفت توضيح هذا الخروج بقولنا : «ان قلت .. قلت».
(٤) أي : جدّ الصغير ، إذ له الولاية المشتركة مع أب الطفل لو كان الأب حيّا.
(٥) وهو أبو الجدّ وجدّ الجدّ ، فإنّه لا ولاية لهم ، لأنّ القريب إلى المولّى عليه هو الجدّ الأدنى لا سائر الجدود.
__________________
(١) الأنفال ، الآية ٧٥ ، الأحزاب ، الآية ٦.
(٢) جواهر الكلام ، ج ٢٩ ، ص ٢١١.