كما في مثال الصلاة المتقدّم (١) لأنّ (٢) الواجب هناك هي صلاة صحيحة ، وقد علم صدور أصل الصلاة من الفاسق ، وإذا شكّ في صحّتها أحرزت (٣) بأصالة الصحّة.
وأمّا الحكم فيما نحن فيه (٤) ، فلم يحمل على التصرّف الصحيح ، وإنّما حمل على موضوع هو إصلاح المال ، ومراعاة الحال ، والشكّ في أصل تحقّق ذلك (٥) ، فهو (٦) كما لو أخبر فاسق بأصل الصلاة مع الشك فيها.
______________________________________________________
أمّا الوهم فهو : أنّ الفاسق بمقتضى إسلامه يحمل فعله على الصحيح ، كما في المثال المتقدم وهو الصلاة. وحينئذ إذا حمل بيعه على الصحيح سقط وجوب القيام بالمعروف عن العادل.
(١) في (ص ٢٢٤) بقوله : «ولو ترتب حكم الغير على الفعل الصحيح منه كما إذا صلّى فاسق على ميّت لا وليّ له» فقوله : «كما» مثال للمنفي وهو إجداء أصالة الصحة.
(٢) هذا دفع التوهم المزبور ، ومحصّله : أنّه فرق بين الصلاة وبين إصلاح مال اليتيم ، وهو ما أشرنا إليه من : أنّ الشك في المثال المتقدم شك في صحة الموجود ، والمفروض أنّ الأثر ـ وهو السقوط عن غير الفاسق ـ منوط بصحة الصلاة. أي صلاة الميت. وصحتها تحرز بأصل الصحة في فعل المسلم ، فتسقط عن غير الفاسق.
وهذا بخلاف المقام ، فإنّ الواجب ـ وهو إصلاح مال القاصرين ـ مشكوك الوجود ، وأصالة الصحة لا تثبت الوجود ، بل تثبت وصفه وهو صحته ، ولا تثبت شيئا خارجيا كإصلاح مال القاصرين إلّا بناء على القول بالأصل المثبت.
(٣) يعني : أحرزت صحتها بأصالة الصحة الجارية في فعل المسلم.
(٤) وهو ارتفاع وجوب إصلاح مال اليتيم عن غير الفاسق ، فلم يحمل على التصرف الصحيح حتى تجري فيه أصالة الصحة ، بل حمل على موضوع وهو إصلاح المال ، والشكّ فيه شك في أصل وجوده ، فهو نظير إخبار الفاسق بأصل الصلاة مع شك الغير في صدقه. وقد تقدم في (ص ٢٢٥) الإشكال في قبوله.
(٥) أي : في تحقق الموضوع أعني به إصلاح المال الذي هو المعروف الواجب على الكل.
(٦) أي : فالشكّ في تحقق الموضوع ، وهو إصلاح المال ، كإخبار الفاسق بأصل