إلّا أن يوجّه (١) بأنّه لا يقول ببقائه على ملك الواقف حتّى يكون حبسا ، بل هو (٢) وقف حقيقيّ وتمليك للموقوف عليهم مدّة وجودهم. وحينئذ (٣) فبيعهم له
______________________________________________________
ثم اعترض المحقق الشوشتري على القاضي ـ في تجويز بيع الوقف المنقطع الموقوف عليه ـ بقوله : «وهذا عجيب منه ، لأنّ الوقف المؤبّد مملوك للموقوف عليه الموجود ، وما عداه معدوم ، فلجواز البيع حينئذ وجه ، لانحصار المالك الموجود في البائع. وأمّا المنقطع فليس ملكا له ، والمالك الموجود غيره ، فلا وجه لصحة البيع حينئذ ..» (١).
(١) استثناء من قوله : «فلا وجه للحكم بجواز بيعه» وهذا إشارة إلى الأمر الثاني ، وهو توجيه جواز بيع الوقف المنقطع.
وحاصل التوجيه : أنّ التهافت المزبور مبنيّ على كون الوقف المنقطع حبسا لا فكّا للملك ، إذ بناء على الحبس يكون باقيا على ملك الواقف ، ومع بقائه على ملكه لا وجه لجواز بيع الموقوف عليهم ، وصرف ثمنه في مصالحهم ، إذ ليس لهم إلّا المنفعة أو الانتفاع بالعين ، ولا سلطنة لهم على بيعها.
وأمّا بناء على خروجها عن ملك الواقف حين الوقف وصيرورتها ملكا موقّتا للموقوف عليهم ما داموا موجودين ، ورجوعها ملكا إلى الواقف أو وارثه ، فلا مانع حينئذ عن بيعهم لها ، إذ المفروض كون الموقوف ملكا لهم ، غاية الأمر أنّه متعلّق لحقّ الواقف ، بحيث لو لم يبعها الموقوف عليهم ، وبقيت على حالها من الوقفية حتى انقرض الموقوف عليهم رجعت إلى ملك الوارث. فيكون تعلّق حقّ الواقف نظير تعلق حقّ البطون اللاحقة بها في الوقف المؤبّد ، وهو لا يصلح للمنع عن البيع مع طروء المسوّغ له ، هذا.
(٢) أي : الوقف المنقطع تمليك للبطون كالوقف المؤبّد.
(٣) أي : وحين كون الوقف المنقطع تمليكا للعين ـ لا حبسها للمنفعة أو الانتفاع ـ فبيع الموقوف عليهم للوقف يكون نظير بيع البطن الأوّل في الوقف المؤبّد ، في أنّ تعلق حقّ سائر البطون أو تعلق حق الواقف لا يمنع من صحة البيع.
__________________
(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٦٤.