.................................................................................................
______________________________________________________
وإذا شكّ في إرادة مطلق إدخال النجاسة وإن لم تكن متعدية ، فالأصل يقتضي جوازه ، إلّا إذا استلزم هتك المسجد. ولا بدّ من التأمّل ومراجعة أدلة إدخال النجاسة إلى المسجد ليتضح الحال ، وفقنا الله تعالى لذلك عاجلا.
ولنختم الكلام في المساجد بما يتعلق بالبيع والكنائس الواقعة في الشوارع ، فنقول : إنّ البحث في البيع والكنائس المبنية في غير بلاد المسلمين ، إذ ما يبنى منهما في بلادهم لا يترتب عليهما أثر أصلا ، لكون بنائهما فيها مخالفا لشرائط الذمّة ، فيبطل وقفهما ، فيكون بناؤهما كالعدم ، فلا إشكال في جواز العبور فيما يقع منهما في الشوارع.
وأمّا فيما يبنى منهما في ممالك الكفار سواء أكان بناؤهما قبل تشريع الدين الإسلامي أم بعده ، فإن كان حقيقتهما حفظ عنوان المسجدية وإن كان يسمّى عندهم بالبيع أو الكنائس ، فيرجع هذا الكلام إلى اتحاد المسجد والبيعة والكنيسة مفهوما وإن اختلفت اسما. لكن هذا الاختلاف لا يقدح في حقيقتها ، لكون الاسم عنوانا مشيرا لا يختلف المعنون باختلاف العناوين المشيرة ، ويلزمه ترتب جميع أحكام المسجد عليهما بناء على صحة هذا الوقف من غير المؤمن ، كما يظهر من صحة وقف الكافر على البيع والكنائس ، أو أحد الكتابين كما في الشرائع (١) وفي الجواهر : «بلا خلاف أجده فيه كما عن المقتصر الاعتراف به ، بل عن ظاهر التنقيح الإجماع عليه» (٢).
لكن في المسالك ما محصله : «هو يتم بناء على عدم اشتراط القربة ، أمّا معه فمشكل ، من حيث إنّ ذلك معصية في الواقع ، فلا يتحقق معنى القربة» (٣).
أقول : المراد بالقربة في الوقف هو جعله لله تعالى. فإن أراد الكافر هذا المعنى من القربة فلا بأس به ، واعتبار صلاحية الفاعل للتقرب بفعله لا دليل عليه ، فوقف الكافر من ناحية قصد القربة صحيح.
__________________
(١) شرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ٢١٤.
(٢) جواهر الكلام ، ج ٢٨ ، ص ٣٥.
(٣) مسالك الأفهام ، ج ٥ ، ص ٣٣٦.