.................................................................................................
______________________________________________________
لكنه خلاف ظاهر الأدلة المثبتة للأحكام لعنوان المساجد ، فإنّ ظاهر الإسناد هو كون المسجدية جهة تقييدية لا تعليلية ، فينسدّ باب الاستصحاب من هذه الناحية أيضا.
هذا كلّه مضافا إلى : أنّه ليس وجوب التطهير من الأحكام التعليقية حتى يشكل جريان الاستصحاب فيها ، لأنّ هذا الحكم يستفاد من مثل قولهم عليهمالسلام : «جنبوا مساجدكم النجاسة» (١) فإنّ المستفاد من مثل هذا الكلام هو وجوب تبعيد النجاسة وحرمة تقريبها حدوثا وبقاء. وعصيان وجوب تبعيد النجاسة عن المسجد تارة يتحقق بتنجيسه ، واخرى بترك تطهيره مع التمكن منه. فالتكليف المستفاد من الكلام المذكور واحد ومنجّز ، فالمقام أجنبي عن الحكم التعليقي الذي لا يجري فيه الاستصحاب على مذهب بعض.
فتلخص من جميع ما ذكرنا : أنّ الأقوى ترتب أحكام المسجد على المساجد الواقعة في الشوارع ، سواء أكانت في الأراضي المفتوحة عنوة أم غيرها ، وسواء وقعت في المعمورة حال الفتح أم في مواتها.
نعم الّذي يسهّل الخطب في كثير ممّا يقع من المساجد في الشوارع : أنّ نفس أرض المسجد تقع تحت التراب والتبليط غالبا ، بحيث لا تؤثّر النجاسة في نفس الأرض ، فالمتنجس غير أجزاء المسجد ، كما إذا تنجّس آجر من خارج المسجد ، ثم أدخل إلى المسجد ، أو العكس. وإن كان الفضاء أيضا من المسجد. إلّا أنّ معروض النجاسة هو الأرض ، إذ لا معنى لنجاسة الفضاء.
إلّا أن يقال : إنّ ما دلّ على حرمة إدخال النجاسة في المسجد يشمل إدخالها في الفضاء أيضا. فحينئذ تجب إزالة النجاسة عن المبلّط ، كوجوب إزالتها عن نفس أرض المسجد ، هذا.
لكن الإنصاف أنّ استفادة هذا المعنى منوطة بظهور أدلة حرمة إدخال النجاسة إلى المسجد في حرمته وإن لم تكن النجاسة متعدية ، وهو محل بحث وكلام ، لقوّة احتمال إرادة التلويث من إدخال النجاسة. والمفروض فقدان التلويث في المقام.
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ٣ ، ص ٥٠٤ ، الباب ٢٤ من أبواب أحكام المساجد ، ح ٢ ، رواه عن الكتب الاستدلالية ، وفي التذكرة : «ولقوله عليهالسلام : جنّبوا ..» ج ٢ ، ص ٤٣٣ ، الطبعة الحديثة.