ثمّ إنّه ربما ينافي (١) ما ذكرنا من عدم جواز بيع القسم الثاني
______________________________________________________
(١) التنافي مبني على توهم التلازم ـ في عدم جواز البيع ـ بين نفس العين الموقوفة وبين الآلات والفرش وغيرهما ممّا يتعلق بها. وغرضه قدسسره بيان وهم ودفعه.
أمّا الوهم فهو : أنّ ما تقدم ـ من منع بيع الوقف التحريري كالمسجد وما بحكمه ـ ينافيه ورود الدليل في موردين على جواز بيع هذا القسم من الوقف :
أحدهما : الخبر الدال على جواز بيع ثوب الكعبة ، مع أنه موقوف وليس ملكا لأحد.
وثانيهما : ما ذكره الفقهاء من جواز بيع حصير المسجد إذا خلق ، وكذا جذوعه إذا خرجت عن الانتفاع.
وعليه لا وجه لمنع بيع المسجد وأجزائه ، وما يتعلّق به من أثاث.
وأمّا الدفع فسيأتي.
__________________
أرضها صدقة مطلقة تصرف في مطلق الوجوه البريّة ، أو في خصوص ما هو أقرب إلى غرض الواقف ، فمقتضى القاعدة عدم المنع عن العبور في أرض تلك الموقوفات بعد هدمها وجعلها طرقا وشوارع.
وأمّا المقابر ، فإن كانت مملوكة ، فالعبور فيها تصرف في ملك الغير منوط بإذن مالكه كما هو حكم المملوكات الواقعة في الشوارع ، فحكمها حكم المملوكات. وإن لم تكن مملوكة ـ بل كانت مسبّلة ، بأنّ جعلها مالكها موقوفة على دفن المسلمين فيها ـ فالعبور فيها لا بأس به.
كما لا إشكال في جواز الاستطراق في المقابر الفعلية التي لم تقع في الشوارع ، فإنّ الوقفية للدفن لا تمنع عن الاستطراق غير المزاحم لجهة الوقف.
نعم مع المزاحمة لا يجوز ، لاقتضاء نفس دليل الوقف حرمة التصرفات المنافية له. إلّا أنّها إن وقعت في الشوارع تصير ساقطة عن الانتفاع بها في الجهة المقصودة من الوقف ، كسائر الموقوفات على جهات خاصّة.