.................................................................................................
______________________________________________________
وقد يوجّه التنافي المزبور بما في حاشية الفقيه المامقاني قدسسره من : أنّ كلام المصنف قدسسره هنا متضمن لوجهين :
أحدهما : ما أفاده بقوله : «لأنّه مسوق لبيان وجوب مراعاة الكيفية المرسومة في إنشاء الوقف ، وليس منها عدم بيعه» بأن يراد من الجملة الأخيرة أنّ عدم بيعه في حال الخراب ـ بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه ـ ليس من الكيفية المرسومة في إنشاء الوقف ، فلا مانع من ناحية إنشاء الواقف من البيع في حال الخراب. وهذا لا ينافي كون عدم جواز بيعه ـ مع قابلية الانتفاع به ـ مرسوما في العقد.
ثانيهما : ما أفاده بقوله «بل عدم جواز البيع من أحكام الوقف» إذ مقصوده من الإضراب والترقي أنّ أخذ عدم البيع غير دخيل أصلا في المنع ، لكونه حكما تعبديا.
ولا يخفى أن المنافي لما في صدر المسألة هو هذا الوجه الثاني دون الأوّل ، فإنّ مبنى الاستدلال بالحديث على عدم جواز البيع هو أخذه في أصل الوقف وموضوعه ، وإن كان على خلاف مذهب المصنف ، فتأمّل (١).
لكن يمكن أن يقال : إنّ حمل العبارة على إفادة وجهين خلاف الظاهر ، لظهور كلمة «بل» في كون ما بعدها تتمة لما سبقها ، لا أنّها وجه آخر. خصوصا بملاحظة أنّ حمل قول المصنف «وليس منها عدم بيعه» على «عدم بيعه في حال الخراب» ربما ينافي ما سيأتي في الوجه الثاني من قوله : «ولو سلّم أنّ المأخوذ في الوقف إبقاء العين» لظهوره في ابتناء الوجه الأوّل على عدم أخذ بقاء العين في الوقف. ومعه يشكل حمله على أخذ عدم البيع في الصيغة إلّا في حال الخراب. ولعلّ أمره قدسسره بالتأمل إشارة إلى ما ذكرناه.
ويشكل كلام المصنف قدسسره هنا بأنّ الحديث لو كان إمضاء لما يرسمه الواقف كان مقتضى الإطلاق الحكم بعدم جواز البيع المدلول عليه مطابقة أو التزاما ، ولا موجب لاختصاص الإمضاء بما عدا المنع عن البيع ، هذا.
__________________
(١) غاية الآمال ، ص ٤٥٠.