الموقوف عينا خاصّة (١) ، وقد يتعلّق بكون منفعة الوقف
______________________________________________________
أمّا منع الصغرى ـ وهي كون المثل أقرب إلى مقصود الواقف ـ فبيانه : أنّه لم يظهر أقربية شراء المماثل إلى مقصوده ، لاختلاف دواعي الواقفين في مقام إنشاء الوقف.
فقد يكون غرض الواقف من وقف داره على ذريّته بقاء شخص الدار بيدهم والانتفاع بها ، لكونها دار آبائه ، ورثها منهم ، وله عناية ببقاء خصوصية العين الموقوفة. وكذا لو ورث كتابا كان بخطّ سلفه ، فأراد بقاء عينه ، فوقفه ليمنع ورثته من التصرفات الناقلة فيه ببيع أو صلح أو هبة.
وقد يكون غرضه إصلاح حال ذريته وعدم وقوعهم في ذلّ الفقر والمسكنة ، فيوقف الدار عليهم لينتفعوا باجرتها ، وليس مقصوده سكناهم فيها.
وقد يكون غرضه تسبيل خاص وإيصال نفع معيّن إلى الموقوف عليهم من دون تعلّق نظره بخصوصية العين ، كما لو أوقف بستانا للانتفاع بثمرته ، فبيع لغور مائه ، أو لوقوعه في الطريق العام ، ودار الأمر بين شراء المماثل أي بستان آخر في مكان يصعب الوصول إليه لاقتطاف ثمرته ، وإن أمكن بيع الثمرة بأقل من قيمة ثمرة البستان الأوّل. وبين شراء دار أو خان أو أرض زراعية تصل منافعها واجورها إلى الموقوف عليهم.
ولا وجه للقول بأنّ شراء البستان أقرب إلى مقصود الواقف ، خصوصا مع إحراز أنّ غرضه من الوقف إيصال النفع إليهم ، ولا نظر له إلى خصوصية العين.
وعلى هذا فالنسبة بين المماثل وبين غرض الواقف عموم من وجه ، فقد يجتمعان ، كما لو وقف دارا لسكنى العلماء فخربت وأبدلت بدار اخرى فسكنها بعضهم. وقد يفترقان ، فلا يكون المماثل موافقا للغرض في جميع الموارد ، بل يكون غير المماثل وافيا به. ومن المعلوم أنه لا وجه ـ مع الشك في غرض الواقف وعدم إحرازه ـ للتمسك بلزوم رعاية نظره ، لكونه من التشبث بالدليل في الشبهة الموضوعية ، فإنّه يتجه في ما لو أحرز مقصود الواقف.
فالنتيجة : أنّ اللازم رعاية مصلحة الموقوف عليهم بعد بيع الموقوفة وسقوط خصوصية العين. هذا توضيح الوجه الأوّل ، وأما الوجه الثاني ـ وهو منع الكبرى ـ فسيأتي.
(١) يعني : من دون عناية بمنفعة العين ، فضلا عن النظر إلى مقدار معيّن من المنفعة ، فالمقصود كلّه حبس العين عن التصرفات الناقلة ، أو تغيير هيئتها الفعلية.