مقدارا معيّنا (١) من دون تعلّق غرض بالعين (٢) ، وقد يكون (٣) الغرض خصوص الانتفاع بثمرته ، كما لو وقف بستانا لينتفعوا بثمرته ، فبيع ، فدار الأمر بين أن يشترى بثمنه بستان في موضع لا يصل إليهم إلّا قيمة الثمرة (٤) ، وبين أن يشترى ملك آخر يصل إليهم اجرة منفعته (٥) ، فإنّ الأوّل (٦) وإن كان مماثلا ، إلّا أنّه (٧) ليس أقرب إلى غرض الواقف ـ : أنّه (٨) لا دليل على وجوب ملاحظة الأقرب إلى
______________________________________________________
(١) هذا نحو آخر من دواعي الوقف ، وقد تقدم بقولنا : «وقد يكون غرضه إصلاح حال ذرّيته ..».
(٢) فلو حصل ما قصده من النفع المعيّن فقد تحقق غرضه ، سواء أكان من مماثل الموقوفة أو من غيره.
(٣) معطوف على «قد يتعلّق» وهذا نحو ثالث ممّا يمكن أن يكون غرضا للواقف.
(٤) لبعد الطريق أو لخوف من ظالم ، أو لغيرهما من الموانع ، فيتعيّن بيع الثمرة وصرف الثمن في الموقوف عليهم.
(٥) أي : منفعة الملك الآخر ولو كان دارا أو عمارة أو غيرهما.
(٦) أي : البستان الثاني المفروض تعذّر وصول ثمرته إلى الموقوف عليهم.
(٧) أي : أنّ الأوّل ـ وهو المماثل ـ ليس أقرب إلى الغرض.
(٨) الضمير للشأن ، والجملة مبتدء مؤخّر لقوله : «وفيه» وهذا ثاني وجهي المناقشة في التعليل المتقدم ، ومحصله : أنّه لو سلّمنا كون المماثل أقرب إلى مقصود الواقف ، إلّا أنّه لا دليل على وجوب مراعاة مقاصد الواقف وأغراضه الداعية إلى الوقف ، فإنّها من قبيل الملاكات الخارجة عن حيّز الأحكام ، والواقعة فوقها لا تحتها حتى تجب مراعاتها ، فأغراض الواقف خارجة عن حيّز إنشاء الوقف. وكلّ ما كان كذلك لا يجب مراعاته.
نعم إذا وقع شيء من أغراضه في حيّز الإنشاء بحيث كان مدلولا لصيغة الوقف وجب الوفاء به كسائر ما أنشأه في الوقف ، بأن يقول : «هذا وقف ، وإن طرء عليه ما يوجب بيعه ، فليكن بدله مماثلا له».