صالح للتطبيق على هذه الظروف ، وإنه يختص بالعصور الغابرة يقول : إن من ينظر في كتب الشريعة الأصلية بعين البصيرة والحذق ، يجد أنه من غير المعقول أن تضع قانوناً أو كتاباً أو مبدء في القرن الثاني من الهجرة ثم يجيء بعد ذلك ، فتطبق هذا القانون في ١٣٥٤ هجرية (١) .
وهذا فريد وجدي ـ كاتب دائرة معارف القرن الرابع عشر ـ تجده يرقص لافلات الحكومات من سلطان رجال الدين ويمدح ثمرات العلوم مغمزاً بثمرات الدين ، يقول : « تقدم الزمان وأفلتت الحكومات من سلطان رجال الدين واقتصر سلاح الدين على ما كان لديه من قوة الإِقناع ، ففي هذه الأثناء كان العلم يؤتي ثمرات من استكشاف المجهولات ، وتخفيف الويلات ، وترقية الصناعات ، وابتكار الأدوات والآلات ، ويعمل على تجديد الحياة البشرية تجديداً ، رفعها عن المستوى ، فشعر الناس بفارق جسيم ، بين ما انتهوا إليه في عهد الحياة الحرة وتحت سلطان العلوم المادية ، وبين ما كانوا عليه ايام خضوعهم لحفظة العقائد (٢) .
وليس هذا الداء مخصوصاً بهؤلاء ، بل هناك رجالات آخرون تأثروا بالفلسفة المادية الغربية فأخذوا ينظرون إلى منطق الدين باستصغار .
فهذا أحمد أمين المصري الطائر الصيت ، يقول في كتابه : « إن قانون التناقض الذي يقول به المنطق الشكلي القديم والذي يقرر أن الشيء يستحيل أن يكون وأن لا يكون في آن واحد ، يجب عليه الآن أنْ يزول من أجل حقيقة « هيجل » العليا التي تنسجم فيها المتناقضات والتي تذهب إلى أن كل شيء يكون موجوداً وغير موجود » (٣) .
__________________
(١) مجلة الأهرام ، ٢٨ فبراير ، عام ١٩٣٦ ، لاحظ موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين ، تأليف مصطفى صبري ، شيخ الإسلام في الدولة العثمانية ، ج ١ ، ص ٣٢ .
(٢) مجلة الازهر ، المجلد الثاني ، الجزء التاسع ، لاحظ موقف العقل والعلم والعالم ، ج ١ ، ص ٥٧ .
(٣) قصة الفلسفة الحديثة ، كما في موقف العقل والعلم والعالم ، ج ١ ص ١٣٠ .