العقول في انكلترا ، وعضوية السير « أوليڤرلودج » الملقب بـ « داروين علم الطبيعة » ـ أي أنّه لعالم الطبيعة ، كداروين للتاريخ الطبيعي ـ مع عدّة من الأساتذة المتخصصين في صنوف العلوم الطبيعية والرياضية والفلكية . وكان الغرض من هذه الجمعية البت في المسألة الروحية ، وتحقيق حوادثها بأُسلوب النقد الصارم ، والحكم بقبولها نهائياً في العلم إن كانت حقيقةً ، أو تقرير إبعادها عن العلم والفلسفة إن كانت من الأمور الوهمية .
وفي خلال مدّة تربو على خمس وأربعين سنة ، حققت هذه الجمعية أُلوفاً من الحوادث الروحية ، وعملت من التجارب في النفس وقواها ما لا يكاد يدرك ، لولا أنّه مُدوَّن في محاضر تلك الجمعية في نحو خمسين مجلداً ضخماً ، فكان من ثمرات جهادها :
١ ـ إثبات شخصية ثانية للإنسان أي إنّنا أحياء مدركون في حياتنا الحاضرة ، لا بكل قوى الروح التي فينا ، بل بجزء من تلك القوى ، سمحت لنا بها حواسنا الخمس القاصرة . ولكن لنا فوق ما تعطيه لنا حواسنا هذه ، حياة أرقى من هذه الحياة ، لا تظهر بشيء من جلالها إلّا إذا تعطّلت فينا هذه الشخصية العادية بالنوم العادي ، أو بالنوم المغناطيسي .
وقد جرّبوا ذلك على المنوَّمين تنويماً مغناطيسياً ، فوجدوا أنّ النائم يظهر بمظهر من الحياة الروحية والعلم ، لا يكون له وهو يقظان ، فيعلم الغيب ، ويخبر عن البعيدين ، يبصر ويسمع ويحسّ بغير حواسه الجسمية ويكون ـ وهو على تلك الحالة ـ على جانب كبير من التعقّل والإدراك .
قالوا : وتكون هذه حالة الإنسان في نومه العادي . والدليل على ذلك ، ما يأتيه المصابون بمرض الإنتقال النومي من الأفعال المعجزة ، والمدارك السامية .
٢ ـ ثبت لديهم وجود شخصية راقية للإنسان وراء شخصيته العادية . وعلموا أنّها هي التي كوّنت جسمه في الرحم . وهي التي تحرّك جميع أعضائه التي ليست تحت حكم إرادته ، كالكبد ، والقلب ، والمعدة ، وغيرها . . . فهو إنسان بها ، لا بهذه الشخصية العادية المكتسبة من الحواس القاصرة .