الثاني : إنّ ما يقوم به العقل العاشر من الفعل والإفاضة ، هو تكميل النفوس الإنسانية أوّلاً ، وإفاضة الصور الجوهرية على عالم المادة ثانياً .
فالمخرج للنفوس الإنسانية من القوة إلى الكمال ، ومفيضُ المعارف على قلوب الأولياء ، والصور الحيوانية والشجرية والمعدنية على المادة الأولى ، هو العقل الفعّال ، بإذنه سبحانه .
الثالث : إنّ الإنسان مجهز بالحواس الظاهرية الخمس المعروفة ، كما هو مجهز بحواس باطنية خمس ، هي :
١ ـ الحس المشترك : وهو القوة المدركة لما يرد العقل عبر الحواس الخمس الظاهرية .
٢ ـ الخيال : وهو مخزن الصور المحسوسة المأخوذة من الحسّ المشترك .
٣ ـ الواهمة : وهي القُوّة المدركة للمعاني الجزئية ، كالعداوة والصداقة .
٤ ـ الحافظة : وهي مخزن المعاني الجزئية المرسلة من الواهمة .
٥ ـ العاقلة : وهي القوّة المدركة للمفاهيم الكلية والحقائق المطلقة عن المادة وآثارها ، ولها شؤون أخرى ، كتركيب الأقيسة والأدلة وغير ذلك .
الرابع : إنّ النفوس الضعيفة غير الكاملة ، أسيرة القوى الباطنة في مدارجها المختلفة ، من القوّة العاقلة إلى الحسّ المشترك ، ومنه إليها .
وأمّا النفوس القوية الصافية ، فإنّ بإمكانها الخروج عن هذا الإطار والإتصال بالعقل الفعّال ، إتصالاً روحانياً معنوياً ، وتلقّي الحقائق والمعارف من ذلك الموجود النوراني .
وهكذا ، فإنّ المعارف العليا المفاضة من العقل الفعّال ، تنعكس على القوّة العاقلة ، ثم تفاض منها إلى القوة الخيالية ، ومنها إلى الحسّ المشترك ، وتأخذ كل قوة ما هو المناسب لحالها وذاتها : فالحقائق المفاضة من العقل الفعّال إلى النفوس الكاملة الإنسانية في مرحلة القوة العاقلة ، علومٌ ومعارف . وفي مرتبة القوة الخيالية ، صور وتمثّلات . وفي مرحلة الحسّ المشترك ، كلام فصيح ومنظوم .