رَفِيقًا ) (١) .
ففي هذه الآية المباركة يَعُدّ الله تعالى الأنبياءَ من الذين أنعم عليهم ، هذا من جانب .
ومن جانب آخر يصف سبحانه من أنعم عليهم بأنّهم غير مغضوب عليهم ولا ضالّين ، في قوله : ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ (٢) .
فيستنتج من ضمّ هاتين الآيتين إلى بعضهما ، عصمة الأنبياء بوضوح ، لأنّ العاصي يشمله غضب الربّ ، ويكون ضالّاً بقدر عصيانه . فإذا كان الأنبياء ممن أنعم الله عليهم ، والذين أنعم الله عليهم لا يشملهم غضب الربّ ( غير المغضوب عليهم الخ ) ، فيكونُ الأنبياءُ منزّهين عن المعصية ، وبريئين عن المخالفة .
وإنْ شئت إفراغ الإستدلال في قالب الشكل المنطقي ، فقل :
* إنّ الأنبياء ، قد أنعم الله عليهم .
* وكل من أنعم الله عليه ، فهو غير مغضوب عليه ولا ضالّ .
* فينتج : إنّ الأنبياءَ غيرُ مغضوب عليهم ولا ضالين .
ولما كان العصيان يلازم الغضب والضلال بمقداره ، فمن كان بعيداً عن جلب غضب الربّ إليه ، والضلالة ، يكون بريئاً عن المعصية .
وستعرف فيما يأتي أنّ جميع الأُمة ليسوا شهداء ، وإنّما عبّر بالجمع وأريد منه لفيف من الأُمة قد دلّ الدليل على عصمتهم .
وأمّا استلزام هذا الإستدلال ، عصمة غير الأنبياء والشهداء من الصديقين والصالحين ، فلا إشكال فيه كما عرفت عند نقل كلام السيد المرتضى فيما تقدم .
__________________
(١) سورة النساء : الآية ٦٩ .
(٢) سورة الحمد : الآية ٧ .