لأنّهم يدعون إلى الإيمان . فتأخذ النفس روعة الجمال الذي يرتسم فيه صورة شرود هذه الحمر يتبعها قسورة المرهوب .
٢ ـ معنى عجز الآلهة التي يعبدها المشركون من دون الله يُعَبَّر عنه بوجهين : أحدهما ذهني مجرّد ، والآخر تصويري .
ففي الأول يقال : « إنَّ ما تَعْبُدونَ مِنْ دُونِ الله لأَعْجَزُ عَنْ خَلْقِ أَحْقَرِ الأَشْياء » . فَيَصِلُ المعنى إلى الذهن مجرّداً باهتاً .
وفي الثاني يقال : ( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ، وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ) (١) .
ففي الثاني أُبرز هذا المعنى بِصُوَرٍ متحركةٍ متعاقبةٍ .
« لن يَخْلُقُوا ذُباباً » ، هذه درجة .
« وَلَوْ اجْتَمعوا له » ، هذه أُخرى .
« وإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ » ، وهذه الثالثة .
ففيها تصوير للضعف المُزري ، والتدرّج في تصويره بما يثير في النفس السخرية اللاذعة والإحتقار المهيب .
٣ ـ يُعَبَّر عن حالة تخلي الأولياء عن تابعيهم أمامَ هول القيامة بصورتين ، كالسابقتين . في إحداهما ، يقال : لا لَقَدْ تَناكَرَ الأَصفْياءُ وتَخَلّى المَتْبوعونَ عن التابِعينَ حينما شاهدوا الهَوْل يَوْمَ الدِّينِ » .
وفي ثانيتهما ، يقال : ( وَبَرَزُوا لِلَّـهِ جَمِيعًا ، فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا : إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا ، فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ قَالُوا : لَوْ هَدَانَا اللَّـهُ لَهَدَيْنَاكُمْ ، سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن
__________________
(١) سورة الحج : الآية ٧٣ .