القدس حسب تصريح إنجيلَيْ متى ولوقا ، نزل على الحواريين عندما بعثهم المسيح للتبشير والتبليغ (١) .
٧ ـ ويقول : ( ومتى جاء ذاك يُبكّت العالم على خَطِيَّةٍ ، وعلى بِرّ ، وعلى دينونة . . . ) . وهذا يؤيّد أن يكون المُبَشَّر به نبيّاً ، إذ لو كان المراد هو روح القدس ، فهو نزل في يوم الدار على الحواريين حسب زعمهم ، فما وَبَّخ اليهود الذين لم يؤمنوا به أصلاً ، لعدم رؤيتهم إيّاه . ولم يوبخ الحواريين ، لأنّهم كانوا مؤمنين به .
٨ ـ ويقول : ( ومتى جاء ذاك ، روح الحق ، فهو يرشدكم إلى جميع الحق ، لأنّه لا يتكلم من نفسه ، بل كل ما يسمع يتكلم به ، ويخبركم بأمور آتية ) .
وهذا يتناسب مع كون المُبَشَّر به نبيّاً خاتماً ، صاحب شريعة متكاملة ، لا يتكلم إلّا بما يوحى إليه ، وهذه كلّها صفات الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
فجميع هذه القرائن تشهد بوضوح على أنّ المراد من « المعزي » المُبَشّر به ، هو النبي الأكرم لا روح القدس ، ولو أمعنت النظر في سائر القرائن التي ذكرها المحققون من المسلمين في تفسير هذا اللفظ ، لعالت القرائن (٢) .
غير أنّ البشارات لا تنحصر بذلك بل هي موجودة في العهدين ، واستقصاء البحث وجَمْعها ، يستدعي تأليف كتاب منفرد حافل ، إلّا أنّا نلفت إلى نكتة وهي :
إنّ الكتاب الذي جاء به المسيح كان كتاباً واحداً ، وهو عبارة عن هَدْيِهِ
__________________
(١) لاحظ إنجيل متى : الأصحاح العاشر ، الجملة الأولى فما بعدها . وإنجيل لوقا : الأصحاح العاشر ، الجملة ١١ ، وفيها : ( ولكن إعلموا هذا : إنّه قد اقترب منكم ملكوت الله ) .
(٢) من أراد التفصيل فعليه الرجوع إلى كتاب أنيس الأعلام في نُصرة الإسلام ، ج ٥ ، ص ١٣٩ ـ ١٧٢ .