وبشارته بمن يجيء بعده ، ليتم دين الله الذي شرعه على لسانه وألسنة الأنبياء من قبله ، فكان كل منهم يبين للناس منه ما يقتضيه استعدادهم ، وإنّما كثرت الأناجيل لأنّ كلَّ من كتب سيرته سماه إنجيلاً ، لاشتماله على ما بَشَّر وهدى به الناس ، ومن تلك الأناجيل إنجيل « برنابا » . و « برنابا » حوريٌّ من أنصار المسيح الذي يلقّبهم رجال الكنيسة بالرُّسل ، صحبه « بولص » زمناً ، بل كان هو الذي عرّف التلاميذ ببولص ، بعدما اهتدى بولص ورجع إلى أُورشليم ، ولم يكن من هذا الإنجيل أثر في المجتمع المسيحي حتى عثروا في أُوروبا على نسخة منذ قرابة ثلاثة قرون ، وهذا هو الإنجيل الذي حرم قراءته « جلاسيوس الأول » في أواخر القرن الخامس للميلاد .
وهذا الإنجيل يباين الأناجيل الأربعة في عدّة أُمور :
١ ـ ينكر ألوهية المسيح وكونه ابن الله .
٢ ـ يعرّف الذبيح بأنّه اسماعيل لا إسحاق .
٣ ـ أنّ المسيح المنتظر هو « محمد » ، وقد ذكر « محمد » باللفظ الصريح المتكرر في فصول ضافية الذيول .
٤ ـ أنّ المسيح لم يصلب بل حُمل إلى السماء ، وأنّ الذي صلب إنّما كان يهوذا الخائن . فجاء مطابقاً للقرآن .
ومن أراد الوقوف على بشائر هذا الإنجيل بوضوح ، فعليه بالرجوع إليه (١) .
* * *
__________________
(١) وقد قام بترجمته من الإنكليزية الدكتور خليل سعادة ، وقدم له مقدمة نافعة ، وطبع في مطبعة المنار بتقديم السيد محمد رشيد رضا أيضاً ، عام ١٣٢٦ هـ ، ١٩٠٨ م .