عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلما رأوه قالوا : « هذا « الأمين » ، رضينا ، هذا محمد » ، فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر ، قال صلى الله عليه وآله : « هَلمّ ثوباً » ، فأتي به . فأخذ الركن ، فوضعه فيه بيده . ثم قال : « لتأخذ كلّ قبيلة بناحية من الثوب ، ثم ارفعوه جميعاً » . ففعلوا . حتى إذا بلغوا به موضعه ، وضعه هو بيده ، ثم بنوا عليه كما أرادوا .
وقد أنشد هبيرة بن وهب المخزومي هذه الحادثة بأبياتٍ ، منها :
رضينا وقلنا : العدلُ أَوَّلُ طالع |
|
|
يجيء من البطحاء من غير موعدِ |
ففاجأنا هذا الأمين محمد |
|
|
فقلنا : رضينا بالأمين محمدِ |
بخير قريش كلّها أمس شيمة |
|
|
وفي اليوم مع ما يحدث الله في غدِ |
فجاء بأمر لم ير الناس مثله |
|
|
أَعَمَّ وأَرضى في العواقب وألبدِ |
وتلك يد منه علينا عظيمة |
|
|
يروب لها هذا الزمان ويعتدي (١) |
هذه لمحة موجزة عن خلقه وسيرته المحمودة المعروفة بين الناس ، وقد احتفظ بها صاحب الرسالة بعد بعثته ، وبعد غلبته على أعدائه الألداء ، حتى في نصره النهائي حين فتح مكة ودخل صناديد قريش الكعبة ، وهم يظنون أنّ السيف لا يرفع عنهم ، فأخذ رسول الله بباب الكعبة ، وقال : « لا إله إلّا الله ، أنجز وَعْدَه ، ونَصَرَ عَبْدَهُ ، وغَلَبَ الأحزابَ وَحْدَهُ » . ثم قال : « ما تظنون » ؟ . فأجابت قريش « نظن خيراً ، أخ كريم » . فقال : « فإنّي أقول لكم كما قال أخي يوسف : ( لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ، يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ ، وَهُوَ أَرْحَمُ
__________________
(١) السيرة النبوية لابن هشام ، ج ١ ، ص ١٩٢ ـ ١٩٩ . لاحظ الكافي للكليني ، ج ٤ ، ص ٢١٧ ـ ٢١٨ .