٥ ـ قال تعالى : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ، لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) (١) .
٦ ـ قال تعالى : ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا الْقُرْآنُ ، لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ) (٢) . أي كُلُّ من بَلَغَه القرآنُ ، ووصلت إليه تشريعاته في أقطار الأرض .
إلى غير ذلك من الآيات التي تنصّ على شمول رسالته لعامة البشر .
ويمكن الإستدلال بوجه ثان ، وهو أنّ القرآن كثيراً ما يوجّه خطاباته إلى الناس غير مقيّدة بشيء ، ويقول : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ، لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (٣) فلو كان الإسلام ديناً إقليمياً ، أو كانت رسالته لعصر خاص ، فما معنى هذه النداءات العامة ؟ .
ويمكن الإستدلال بوجه ثالث ، وهو أنّه ربما يتّخذ القرآن الكريم عنواناً عاماً لكثير من الأحكام ، من غير تقييد بلون أو عنصر ، كما في قوله تعالى : ( وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) (٤) ، فأوْجَبَ الحَجَّ على الناس إذا استطاعوا ، عرباً كانوا أمْ غيرهم ، ولو كانت رسالته عنصرية ، لكان عليه أن يقول : « ولله على الأُمة العربية ـ مثلاً ـ حجّ بيته » .
وهناك وجه رابع لعموم دعوته ، وهو أنّه يُعَرِّفُ كتابَه نوراً وهدىً للنَّاس كلهم ، ويقول : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ، هُدًى لِّلنَّاسِ ) (٥) ويقول : ( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ، لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) (٦) .
هذه الوجوه الأربعة ، تهدف إلى أمر واحد ، وإن كانت تختلف في طريقة
__________________
(١) سورة الفرقان : الآية ١ .
(٢) سورة الأنعام : الآية ١٩ .
(٣) سورة البقرة : الآية ٢١ . ولاحظ سورة البقرة : الآية ١٦٨ .
(٤) سورة آل عمران : الآية ٩٧ .
(٥) سورة البقرة : الآية ١٨٥ .
(٦) سورة الزمر : الآية ٢٧ .