الكلامية ثوباً جديداً ، وأبان عن
المعارف في مناظراته مع أهل الكتاب والزنادقة ، وأسكت خصماءه ، ودحض شبهاتهم ، وردّ أيديهم إلى أفواههم . ولو لم يكن لأئمة أهل البيت ميراثٌ
كلاميٌ سوى كتاب توحيد الصدوق ( ت ٣٠٦ ـ م ٣٨١ ) ، واحتجاج الطبرسي ( المتوفى حوالي ٥٥٠ ) لكفى فخراً في الدفاع عن حياض الإِسلام ومعارفه وعقائده . وقد استخدم ائمة أهل البيت في بحوثهم
ومناظراتهم ، الوسائل التي كان الخصم يستخدمها ويعتمد عليها . كان أن لفيفاً من علماء الكلام قد دقوا هذا الباب ووردوا هذه الشريعة ، فتدرعوا بأحسن ما كان خصماؤهم متدرعين به ، كما انهم لم يزالوا بالمرصاد للحركات الإِلحادية القادمة من جانب الروم واليونان ومستسلمة أهل الكتاب ، فأوجب هذا الرّصد والتدرّع بسلاح اليوم ، أن يكون علمُ الكلام علماً يباري الخصماء ، ويصرعهم في ميادين البحث ، والمناظرة ، فجاء يماشي حاجات العصر جنباً إلى جنب ، وكتفاً إلى كتف . ولم يكن علماً جامداً محصوراً في إطار خاص ، بل كان مادةً حيوية تتحرك وتتكامل حسب تكامل العقول ، والأفهام ، وحسب توارد الشبهات والاسئلة التي بها ينمو كلُّ علم ، وبها يتكامل . فإذا كانت هذه هي وظيفتهم الرسالية
أمام الأُمة الاسلامية والمسلمين في سبيل صيانة دينهم وشريعتهم ، فهذه الرسالة بعدُ باقية في أجيالنا وأعصارنا ، فيجب على علماء العقائد والأخصائيين في علم الكلام ، إقتفاء أثرهم ، ورصد الحركات الإِلحادية الهدامة المتوجهة إلى الإِسلام من معسكرات الغرب والشرق ، بصورها الخداعة ، وباسم العلوم الطبيعية والإِجتماعية والإِنسانية والإِقتصادية ، بل باسم التاريخ وتحليل الأديان الكبرى . ففيها من السموم القتّالة ما يهدم عقيدة المسلمين ، ويزعزع كيانهم ، وهم جعلوها في متناول عقولهم وأفكارهم بشتى الطرق والوسائل ، فطفقوا يديفون السم بالعسل ، حتى يذوقه غير الواعين من المسلمين ، وينهموه باشتهاء . إن الحركات الإِلحادية الهدامة إبتدأت
دورها منذ ظهرت طلائع الحضارة