وهم يتمسكون في هذا المجال بعدّة آيات (١) خفي عليهم المراد منها ، ونحن نكتفي في المقام بتفسير واحدة منها ، لم يزل يتمسك بها كل برّ وفاجر منهم ، وهي :
قوله سبحانه : ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ، فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا * وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا ، أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّـهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ ، وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ، قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي . هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا ) (٢) .
وقد استدلّ بها بعض القساوسة قائلاً : إنّ نبيَّ الإسلام لما طُولِبَ بالمعجزة ، أظهر العجز بقوله إنّه ليس إلّا بشراً رسولاً .
إنّ تحليل هذا الإستدلال ونَقْدِهِ ، يَتَوَقَّفُ على دراسةِ كلِّ واحدةٍ من المقترحات المذكورةِ في الآيات المتقدمة ، وهي :
١ ـ أنْ يَفْجُرَ لهم من الأرض يَنْبوعاً .
٢ ـ أن يكون للنبي جنّة من نخيل وعنب ، وتجري الأنهار خلالها بتفجير منه .
٣ ـ أن يُسقط السماء عليهم كسفاً .
٤ ـ أن يأتي بالله والملائكة قبيلاً .
٥ ـ أن يكون للنبي بيت من زخرف .
٦ ـ أن يرقى النبي في السماء ، ولا يكفي ذلك في إثبات نبوته حتى يُنَزِّل عليهم كتاباً من السماء يقرؤوه .
__________________
(١) هي ثمانية عشرة آية ، تعرض لها الأستاذ ، دام ظله ، في موسوعته التفسيريّة مفاهيم القرآن ، ج ٤ ، ص ٩٥ إلى ١٥٤ .
(٢) سورة الإسراء : الآيات ٨٩ ـ ٩٣ .