السلام : ( الجمعة على من سمع النداء ) (١).
وهو يدلّ من حيث المفهوم فالمنطوق أولى مع انتشار النداء وعدم ضبطه ، فلا يجوز أن يجعله الشارع مناطا للأحكام.
وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا تجب الجمعة على من هو خارج المصر وإن سمع النداء ـ وقال محمّد : قلت لأبي حنيفة : تجب الجمعة على أهل زبارا (٢) بأهل الكوفة؟ فقال : لا (٣) ـ وبين زبارا والكوفة الخندق ، وهي قرية بقرب الكوفة ـ لأنّ عثمان لمّا وافق الجمعة العيد ، قال لأهل العوالي : من أراد منكم أن ينصرف فلينصرف ، ومن أراد أن يقيم حتى يصلّي الجمعة فليقم.
ولأنّهم خارجون عن المصر ، فلا جمعة عليهم ، كأصحاب الحلل (٤) (٥).
والحديث نقول بموجبه ، للتخيير عندنا ، أمّا من يوجب الحضور كالشافعي ، فإنّه أنكر الحديث وقال : لم يذكره أحد من أصحاب الحديث.
وأهل الحلل إن كانوا مستوطنين ، وجبت الجمعة ، وإلاّ فلا.
وقال مالك واحمد والليث بن سعد : تجب على أهل المصر مطلقا ، وأمّا الخارج فإن كان بينه وبين الجامع فرسخ ، وجب عليه الحضور وإلاّ فلا ، لغلبة السماع منه (٦). وقد بينا بطلان هذا المناط.
__________________
(١) المجموع ٤ : ٤٨٧ ، فتح العزيز ٤ : ٦٠٨ ـ ٦٠٩ ، المحلّى ٥ : ٥٦.
(٢) في المصدر : « زرارة ». وهي محلّة في الكوفة. و « زبارا » من نواحي الكوفة ، والظاهر صحة « زبارا » لكون أهلها من خارج المصر. انظر : معجم البلدان ٣ : ١٢٩ و ١٣٥.
(٣) الأصل للشيباني ١ : ٣٦٦.
(٤) الحلل جمع حلّة : القوم النزول. لسان العرب ١١ : ١٦٤ « حلل ».
(٥) المغني ٢ : ٢١٥ ، الشرح الكبير ٢ : ١٤٦ ، وراجع : المبسوط للسرخسي ٢ : ٢٣ ، وبدائع الصنائع ١ : ٢٥٩ ، وفتح العزيز ٤ : ٦٠٩ ، والمحلّى ٥ : ٥٦.
(٦) المدونة الكبرى ١ : ١٥٣ ، بداية المجتهد ١ : ١٦٥ ، المغني ٢ : ٢١٤ و ٢١٦ ، المجموع ٤ : ٤٨٨.