قال ابن قتيبة : بايع عمرو بن عثمان ثمّ ذهب إلى امّ سلمة زوج النبيّ صلىاللهعليهوآله (فكانت حيّة يومئذ) وقال لها : أرسلي معي ابن بنتك يزيد بن عبد الله بن زمعة (القرشي الأسدي وكأنّه كان لاجئا مستجيرا بجدّته امّ سلمة) فجاء به إلى مسلم المرّي.
فلمّا تقدّم يزيد قال له مسلم : تبايع لعبد الله يزيد أمير المؤمنين! على أنّكم ممّا أفاء الله عليه بأسياف المسلمين! خول له فإن شاء وهب وإن شاء أعتق وإن شاء استرق! فقال يزيد : لأنا أقرب إلى أمير المؤمنين منك! فقال مسلم : والله لا تستقيلها أبدا!
وكان مسلم قد أكرم عمرو بن عثمان هذه المرّة فأجلسه معه على سريره فقال لمسلم : أنشدك الله! فإنّي أخذته من امّ سلمة بعهد الله وميثاقه أن أردّه عليها! فركضه مسلم برجله فرماه من سريره! وأمر بقتل يزيد (١).
ولعلّ مروان كان حاضرا فوثب وضمّه إليه فكان ما مرّ من الخبر السابق.
ثمّ اتي بمعقل بن سنان الأشجعي حامل لوائهم يوم فتح مكّة ، وكان معقل على الاستراحة إلى مسلم المرّي قد طعن بعض الطعن على يزيد قبل هذا ، فلمّا أدخل عليه قال له : يا معقل أعطشت؟ قال : نعم ، أصلح الله الأمير! قال لهم : حيسوا له شربة من سويق اللوز الذي زوّدنا به أمير المؤمنين! فلمّا شربها قال له : رويت؟ قال : نعم ، قال مسلم : أما والله لا تبولها أبدا! ما كنت لأدعك بعد كلام سمعته منك تطعن به على إمامك ، فقدّم فضربت عنقه (٢).
__________________
(١) الإمامة والسياسة ٢ : ١٠.
(٢) وقال ثانيا : أتاه مئة رجل من قومه (أشجع) وقالوا له : اذهب بنا إلى الأمير نبايعه. قال : قد قلت له قولا أتخوّف منه! قالوا : لا والله لا يصل إليك أبدا! فلمّا بلغوا باب قصره