والمعنى : قلنا لهم : لا تتّخذوا من دوني وكيلا يا ذرّيّة من حملنا مع نوح ، أو لا تتّخذوا ذرّيّة من حملنا مع نوح وكيلا. فيكون «وكيلا» موحّد اللفظ مجموع المعنى ، كرفيق في قوله : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (١) أي : لا تجعلونهم أربابا. وفيه تذكير بإنعام الله عليهم في إنجاء آبائهم من الغرق ، بحملهم مع نوح في السفينة.
(إِنَّهُ) إنّ نوحا (كانَ عَبْداً شَكُوراً) يحمد الله على مجامع حالاته. وفيه إيماء بأنّ إنجاءه ومن معه كان ببركة شكره ، وحثّ للذريّة على الاقتداء به. كأنّه قال : لا تتّخذوا من دوني وكيلا ، ولا تشركوا بي ، لأنّ نوحا كان عبدا شكورا ، وأنتم ذرّيّة من آمن به وحمل معه ، فاجعلوه أسوتكم كما جعله آباؤكم أسوتهم. وقيل : الضمير لموسى.
روي عن الباقر والصادق عليهماالسلام : «أنّه كان إذا أصبح وأمسى قال : اللهمّ إنّي أشهدك أنّ ما أصبح وأمسى بي من نعمة في دين أو دنيا فمنك ، وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ولك الشكر بها عليّ حتى ترضى ، وبعد الرضا ، فهذا كان شكره».
وقيل : كان إذا أكل قال : الحمد لله الّذي أطعمني ، ولو شاء أجاعني. وإذا شرب قال : الحمد لله الّذي سقاني ، ولو شاء أظمأني. وإذا اكتسى قال : الحمد لله الّذي كساني ، ولو شاء أعراني. وإذا احتذى قال : الحمد لله الّذي حذاني ، ولو شاء أحفاني. وإذا قضى حاجته قال : الحمد لله الّذي أخرج عنّي أذاه في عافية ، ولو شاء حبسه.
وروي : أنّه كان إذا أراد الإفطار عرض طعامه على من آمن به ، فإن وجده محتاجا آثره به.
(وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ
__________________
(١) النساء : ٦٩.