(وَاذْكُرْ رَبَّكَ) مشيئة ربّك وقل : إن شاء الله ، كما روي أنّه لمّا نزل قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن شاء الله (إِذا نَسِيتَ) يعني : إذا غفلت عن كلمة الاستثناء ، لاشتغالك بأمر آخر من الأوامر الشرعيّة ، ثمّ تنبّهت عليها فتداركها.
وعن ابن عبّاس : يجوز تأخير الاستثناء في الأيمان والنذور وغير ذلك من العقود والإيقاعات ، كالإقرار والطلاق ، ولو بعد سنة ما لم يحنث ، ولذلك جوّز تأخير الاستثناء عنه.
وعن سعيد بن جبير : ولو بعد يوم أو أسبوع. وعن طاووس : هو على ثنياه ما دام في مجلسه. وعن الحسن : نحوه. وعن عطاء : يستثني على مقدار حلب ناقة غزيرة.
وعند أصحابنا : لا أثر في الأحكام ما لم يكن موصولا ، كما قال الصادق عليهالسلام : «ما لم ينقطع الكلام» ، فإنّه لو صحّ التأخير العرفي لم يتقرّر إقرار ولا طلاق ولا عتاق ، ولم يعلم صدق ولا كذب.
ويجوز أن يكون المعنى : واذكر ربّك بالتسبيح والاستغفار إذا نسيت كلمة الاستثناء ، مبالغة في الحثّ عليه.
وقيل : واذكر ربّك وعقابه إذا تركت بعض ما أمرك به ليبعثك على التدارك. أو اذكره إذا اعتراك النسيان ، ليذكّرك المنسيّ.
(وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي) يدلّني (لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) أي : لعلّ الله يؤتيني من البيّنات والحجج على أنّي نبيّ صادق ، ما هو أعظم في الدلالة وأقرب رشدا من نبأ أصحاب الكهف. وقد هداه لأعظم من ذلك ، كقصص الأنبياء المتباعدة عنه أيّامهم ، والإخبار بالغيوب والحوادث النازلة في الأعصار المستقبلة إلى قيام الساعة.
وفي الكشّاف (١) : «والظاهر أن يكون المعنى : إذا نسيت شيئا فاذكر ربّك. وذكر ربّك عند نسيانه أن تقول : عسى ربّي أن يهديني لشيء آخر بدل من هذا المنسيّ ، أقرب
__________________
(١) في الصفحة التالية.